هكذا يخرج اللؤلؤ والمرجان من البحرين ، وهما أفخر ما يتزين به الإنس والجان : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)! فلو لا الجان يشارك الإنسان في التزين باللؤلؤ والمرجان ، لم يصح هكذا امتنان.
ومن باب الجري والتأويل ، قد يشمل البحران واللؤلؤ والمرجان ، بحري النبوة والامامة ، بحري عذب فرات ، لا ملح ولا أجاج (١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
(وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
الجوار : الجواري ـ جمع الجارية ، تشمل الجاريات المنشآت في البحر كلها على مدار الزمن وتقدم الصنع ، وهي لله (وَلَهُ الْجَوارِ) رغم انها من منشآت الخلق! ولأن المنشئ لها من منشآت الله ، وكذلك آلاتها وأدواتها ومحركاتها الرياحية والبترولية والكهربائية وسواها ، فهل يتواجد شيء في الكون ليس من منشآت الرحمن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٤٢ ، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) قال : علي وفاطمة (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) قال : النبي (ص) (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) قال : الحسن والحسين ، وأخرجه أيضا عن انس بن مالك.
أقول : فقد اتصل بحر النبوة بفاطمة الصديقة بنت النبي (ص) ، ببحر الامامة علي (ع) ، بحران ملتئمان متلاقيان ، بينهما برزخ الرسالة القدسية المحمدية ، إذ اتصل بحر الامامة والنبوة روحانيا مسبقا ، ان تربى علي في حجر النبي وفي جو الوحي والتنزيل ، ثم اكتمل الاتصال الروحاني بوصلة جسمانية في زواج علي بفاطمة ، والنبي هو البرزخ بين البحرين إذ جمع الولاية والنبوة ، وعلي له الولاية دون النبوة والوحي ، وفاطمة هي بضعة النبوة ، دون الرسالة والامامة ، والخارج منهما : اللؤلؤ والمرجان : الحسنان هما مجمع الولاية روحانيا ، والنبوة نسبيا.