متر ، وهو حيوان صغير يبني مع الآلاف من رفاقه مساكن هي أشبه بأغصان الأشجار ، ثم تتكامل حتى تكون منها جزائر ، وإذا اجتمعت جزائر عاشت فيها المرجانات آمنة مطمئنة ، ولو رأيت شجر المرجان لرأيته كظباء الصحراء ، له فروع غبراء ، أو برتقالية صفراء ، أو قرنفلية حمراء أو زرقاء تتلاعب بها الأمواج ، وتعبث الريح بأغصانها ، فكيف إذا تصبح صخرات مكونات للجزائر المرجانية؟ سبحان الخلاق العظيم!.
وجزيرة واحدة من تلك الجزائر المرجانية تبلغ فراسخ عدة ، تتكسر على جوانبها الناصعة البيضاء ، أمواج المحيط (١).
«إن حيوانة المرجانة تثبت نفسها بطرفها الأسفل بصخر أو عشب ، وتفتح فمها التي في أعلى جسمها ، محاطة بعدد من الزوائد يستعملها في غذاءها ، فإذا لمست هذه الزوائد فريسة ـ وكثيرا ما تكون من الأحياء الدقيقة كبراغيث الماء ـ أصيبت بالشلل حالا ، والتصقت بها ، فتنكمش الزوائد وتنحي نحو الفم ، حيث تدخل الفريسة الى الداخل بقناة ضيقة تشبه مريء الإنسان .. ويتكاثر هذا الحيوان بخروج خلايا تناسلية منه ، يتم بها إخصاب البويضات ، حيث يتكون الجنين الذي يلجأ الى صخرة أو عشب يلتصق به ويكوّن حياة منفردة ، شأنه في ذلك شأن الحيوان الأصلي.
ويتكاثر أيضا بطريقة اخرى هي التزرّر ، وتبقى الأزرار الناتجة متحدة مع الأفراد التي تزررت منها ، وهكذا تتكون شجرة المرجان التي تكون ذات ساق سميكة ، تأخذ في الدقة نحو الفروع التي تبلغ غاية الدقة في نهايتها ، ويبلغ طول الشجرة المرجانية ثلاثين سنتيمترا ، ثم الجزر المرجانية ـ المسبق ذكرها ـ بتعاون المرجانات» (٢).
__________________
(١) تفسير الجواهر ٢٤ ص ٢٦ ، نقلا عن بعض المصادر.
(٢) في كتاب : الله يتجلى في عصر العلم.