وإن في الأرض فقط (١) ، أو العبء فهما المثقلان الوازران فقط بين المكلفين (٢) ولذلك يفرغ لهما لا سواهما ، فالثقل والفراغ يوحيان أنهما اللذان يدور عليهما رحى التكليف ، والحساب الثواب والعقاب ، وإن كان معهما غيرهما من المكلفين المحشورين ، من أعلاهم غير المعروفين ، وأدناهم فيمن نعرف من سائر الدواب : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٣) (٦ : ٣٨).
فحساب غير الثقلين ليس في فراغ ، مهما كان لهم حساب ، لتفاهة التكليف وخفته ، أو خفة العصيان وقلته ، وأما الثقلان فهما المثقلان تكليفا ووبالا ، كما هما المثقلان ثوابا وكمالا ، ثم الفراغ للحساب الجزاء من آلاء الرب للمؤمنين إذ ينتصر لهم يوم الدين من الظالمين ، ويثابون هناك على ما عملوا يوم الدنيا ، نعمتان لهم ، ونقمتان لمن سواهم من الظالمين ، فالفراغ للحساب لهم من الآلاء وللظالمين بلاء : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
* * *
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ
__________________
(١) ومما يشهد له ما تواتر عن الرسول (ص) «إني تارك فيكم الثقلين» : أي العظيمين «كتاب الله وعترتي» فليكن الانس والجان أيضا ثقلين بين سائر الخليقة.
(٢) تفسير روح البيان ج ٩ ص ٣٠ قال الصادق (ع) .. لأنهما يثقلان بالذنوب.
(٣) راجع ج ١ من الجزء ٣٠ ص ١٤٣ ـ ١٤٦ في حشر الحيوان.