باسِرَةٌ) (٧٥ : ٢٣) وحتى إذا تكلفت بشاشة ونضارة ، فسيما الوجوه المجرمة معروفة عند أهله ، وحتى يوم الدنيا ، فالمؤمن ينظر بنور الله فيعرف المجرم بسيماه رغم نضارة النعمة وغزارة النهمة ، فكيف بيوم الطاعة ، إذ الوجوه باسرة ، ورجاسة السرائر في سيماهم ظاهرة ، وعمال العذاب ، الملائكة الموكلون به هناك ، أنظر بنور الله من المؤمنين يوم الدنيا ، فيا له من مشهد عنيف ، ومع العنف الهوان ، إذ تؤخذ بالنواصي : الجباه ، والاقدام ، فيقذفون في النار ، مع كل هوان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) إذ لا مغالطة في عرفان المجرمين ، فلا مخالطة لهم بالمؤمنين.
وإنما تؤخذ بالنواصي والاقدام حين ينتهي دور الشفاعة والغفران ، فإنهما قبل إبرام الحكم وختام الأمر ، يوم البرزخ ، ويوم القيامة قبل الحساب ، أو بينه وبين إبرام العذاب وكما يروى عن الرسول الأقدس (ص) (١).
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ. يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
(هذِهِ جَهَنَّمُ) : نار شديدة التأجج (الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا) بكونها وكيانها
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٤٥ ـ أخرج عبد الرزاق في المصنف عن رجل من كندة قال قلت لعائشة أسمعت رسول الله (ص) يقول : انه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد شفاعة؟ قالت : نعم ، لقد سألته فقال : نعم ، حين يوضع الصراط وحين تبيض وجوه وتسود وجوه وعند الجسر حتى يشحذ حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويسجر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيزه ولا يضره ، وأما المنافق فينطلق حتى إذا كان في وسطه خر في قدميه يهوي بيديه إلى قدميه ، فهل رأيت من رجل يسعى حافيا فيؤخذ بشوكة حتى تكاد تنفذ قدميه ، فإنه كذلك يهوي بيديه إلى قدميه فيضربه الزباني بخطاف في ناصيته فيطرح في جهنم يهوي فيها خمسين عاما ، فقلت : أيثقل؟ قال : يثقل خمس خلفات فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام.