أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) (١٧ : ٧) على أن الحسنة لنا من الله ، فإنه الهادي للحسنى ، مهما كان لنا حول في الإحسان ، ف «هل جزاء من أنعم الله عليه بالتوحيد والإسلام إلا الجنة» (١)؟ فليس يعني الإحسان إلا إيجاد الحسن والإتيان به على ضوء شريعة الله ، أو العقل المؤيد بها ، لا كل تراه حسنا كما تهواه ، فإنه قد يكون إساءة ، أو لا إساءة ولا إحسانا! فيا علينا للرحمان من امتنان فيما أحسن إلينا من آلاء فاضلة ، ونعماء فاحلة يسميها جزاء الإحسان! (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟
ثم آية الإحسان لا تختص المسلمين الصالحين بجزاءهم يوم الدين ، فإنها تعمهم والكافرين ، كما تعم يوم الدنيا ويوم الدين ، مهما كان من أفضله وأتمه للمؤمنين ، ليوم الدين ، وكما يروى عن الرسول (ص) : أنزل علي هذه الآية سجلة في سورة الرحمان في المسلم والكافر سواء : «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» (٢) : سواء يوم الدنيا لا يوم الدين.
فقد «جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر سواء ، ومن صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به ، وليس المكافأة أن يصنع كما صنع حتى يربي ، فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء» (٣).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٤٩ ـ أخرجه ب «الإسلام» ابن مردويه عن جابر بن عبد الله عنه (ص) وب (التوحيد) جماعة منهم ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن ابن عمر عنه (ص) والترمذي والبغوي والديلمي وابن النجار عن انس عنه (ص) وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس عنه (ص).
كما وأخرجه الصدوق في التوحيد عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي (ع) انه سمع النبي (ص) يقول :
(٢) الدر المنثور ٦ : ١٤٩ ـ أخرجه ابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان والديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) :
(٣) تفسير العياشي باسناده عن أبي عبد الله (ع) يقول : آية في كتاب الله مسجلة : هي (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) جرت.