الشعور والنظرة ، وقصور الطرف هذا ليس مقصورا عليهم منذ الزواج ، وإنما منذ أنشأهن الله إنشاء إذ (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) : لم يقتضهن قبلهم ويقترعهن بجماع أم سواه ، مسا أم سواه وبأي من ألوان الاستمتاع أو سواه (١) ومن طمث العفاف النكاح ـ وأحرى منه ـ اللاعفاف السفاح.
(إِنْسٌ ... وَلا جَانٌّ) : والنفي هذا يجوّز الإثبات : أن بإمكان الجن طمثهن كما الإنس ، وكذلك إمكانية طمث كل ذكر من الجن والإنس أنثى الآخر ، ثم ونفي الطمث في معنى أوسع انهن لم يدخلن معركة الحياة الزوجية باتعابها واشغابها وطوارئها ، ولا أية اتعاب تنقص من جمالهن ، فهن كما يروى عن الرسول (ص) بعد ما تلا الآية : «لم يصبهن شمس ولا دخان ، لم يعذبن في البلايا ، ولم يكلمن في الرزايا ، ولم تغيرهن الأحزان ، ناعمات لا ييأسن ، وخالدات فلا يمتن ، ومقيمات فلا يظعنّ ، لهن أخيار يعجز عن نعتهن الأوهام» (٢).
(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
هنا يضاف إلى جمال البكارة وقصر النظرة جمال اللون والنضارة : ياقوتية اللون ومرجانيته ، فهن إذا في مثلث الجمال والطراوة ، الذي يجمع كمال الانوثة كله ، وكل ذلك النعيم العميم جزاء الإحسان ـ و :
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
وإنه لجزاء الفضل وليس العدل ، فإن الإحسان من هؤلاء المحسنين لم يك ليرجع إلى رب العالمين ، وإنما إلى أنفسهم ، وكما الإساءة ليست إلا عليهم : (إِنْ
__________________
(١) الطمث لازما الحيض من يطمث مضموما ومتعديا من يطمث مكسورا كما هنا : الاقتضاض والاقتراع والمس ، ف «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ» تجمع جميع ما تحل من الاستمتاعات النسائية ، أو ومعداتها حتى الخطبة.
(٢) الدر المنثور ٦ : ١٤٨ ـ أخرج ابن مردويه عن عياض بن تميم انه سمع رسول الله (ص) قال :