فى جوهر الذهب والتلازم بين بسائطه شديدان جدا ، فكلما مال شىء منه إلى التصعد حبسه (١) المائل إلى التحدر ، فيحدث (٢) من ذلك حركة دوران وغليان ، فتكون (٣) النار قد أوجبت تأثيرا مختلفا. لكن هناك عائق آخر ، والأمور (٤) التي تنسب (٥) إلى القوى والكيفيات الطبيعية ، وخصوصا العنصرية ، تنسب إليها بشرط ألا يكون عائق. فإن الخفة إنما يقال لها إنها تصعد (٦) بشرط الاّ يكون عائق ، والثقل كذلك إنما (٧) يقال له ينزل بشرط أن لا يكون عائق ومانع. (٨) فكذلك (٩) المأخوذ فى حد النار من تفريق كذا ، وجمع كذا.
وأما (١٠) ما قيل فى حديث (١١) الفعل والانفعال فلعمرى إن الاعتبار إذا توجه نحو الأضداد كانت متفاعلة ، (١٢) وكانت نسبة الحر إلى البرد فى الفعل والانفعال قريبة (١٣) من نسبة الرطب إلى اليابس فى الفعل والانفعال ، وإن كان لقائل (١٤) أن يقول : ليس يجب أن تكون (١٥) الأضداد (١٦) كلها متفاعلة ؛ بل من الأضداد ما يتبع أضدادا أخرى ، مثل الأبيض والأسود. فإن اللون الأبيض لا يحيل الأسود إلى البياض ، ولا بالعكس ؛ بل بالمخالطة ، فتكون (١٧) استحالتهما تابعة لاستحالة الحال فى أضداد قبلهما. (١٨) ولا يبعد أن يكون له (١٩) أن يقول : يشبه أن يكون الرطب واليابس من ذلك القبيل.
فإنا لم نشاهد رطبا رطّب اليابس ، أو يابسا يبس الرطب بالإحالة دون المخالطة ؛ أما الرطب فبلاّ ، (٢٠) وأما اليابس فنشفا ، (٢١) وأما الحار والبارد فيفعل أحدهما فى الآخر بالإحالة ، من غير أن يتغير الجوهر فى نوعه أصلا ، كما قد صححنا من إحالة الحار للبارد (٢٢) أنه ليس كله على سبيل نفوذ ومخالطة. فيشبه أن يكون ، (٢٣) على قول هذا القائل ، أن تكون (٢٤) استحالة الأجسام
__________________
(١) م : جنسه (٢) م : فحدث
(٣) م ، ط : فيكون (٤) ط : فالأمور
(٥) م : ينسيه (٦) م : سقط من م : «تنسب إليها بشرط» إلى قوله : إنها تصعد
(٧) سا : وإنما (الثانية)
(٨) م ، سا : ممانع (٩) ط : وكذلك
(١٠) م : ـ ما (١١) م : من حدث ، وفى ط : من حديث
(١٢) م : ـ متفاعله وكانت
(١٣) م ، ط : قريبا (١٤) م : فإن لقائل
(١٥) م ، ط : يكون (١٦) م : أضداد
(١٧) م ، ط : فيكون (١٨) سا ، ب ، ط : قبلها
(١٩) ب : ـ أن يكون له
(٢٠) م : فلا (٢١) م : فيشفا
(٢٢) عند كلمة «للبارد» تنتهى الفقرة الطويلة التي سقطت من مخطوطة «د» فى ص ١٦٨
(٢٣) م ، سا ، د : ـ أن يكون
(٢٤) م ، ط : يكون (الثانية).