وإذا كان كذلك جاز أن ينثلم (١) شكله الطبيعى بهذا السبب. لكن الجوهر (٢) ليس بهذه الصفة. ويشبه أن يكون ما يلى الفلك من العناصر لا يستحيل إلى طبيعة أخرى ؛ لأن الفلك لا يحيله (٣) أو يحيل كله. وأما جرم آخر غريب فلا يبلغ أن يبعد عن مكانه الطبيعى هذا البعد كله ، حتى تحصل هناك جرمية ، (٤) فتغير الجسم الموجود (٥) هناك. وإن بلغ ذلك الحد جزء منه كان بأن ينفعل أولى منه بأن يفعل فيه ؛ بل الواجب أن لا يمهل (٦) إلى أن يبلغ الحد الأقصى ، بل ينفعل دون ذلك ، ولا ينثلم (٧) بمخالطته (٨) الجنبة التي تلى الفلك ، فيكون سطحه ذلك سطح جسم كرى. (٩)
وأما أن ذلك ليس يجوز أن يكون أزليا باقيا دائما ؛ بل يدخل فى الكون والفساد ، فليس (١٠) على سبيل أن يقبلها (١١) هناك ؛ بل على وجه آخر يذكر فى موضعه.
وأما السطح الذي يلى الأرض ، أو يلى جسما يلى الأرض ، (١٢) فيشبه أن يعرض له هذا الانثلام بالمخالطة المضرسة.
وما كان رطبا سيالا (١٣) فإن سطحه الذي يلى رطبا مثله يجب أن يحفظ شكله الطبيعى المستدير. ولو لم يكن سطح الماء مستديرا لكانت السفن إذا ظهرت (١٤) من بعد تظهر (١٥) بجملتها ، لكن ترى أصغر ، ولا يظهر منها أولا جزء دون جزء. وليس الأمر كذلك ؛ بل إنما يظهر أولا طرف السكان ثم صدر السفينة. ولو كان الماء مستقيم السطح لكان الجزء الوسط منه أقرب إلى المركز (١٦) المتحرك إليه بالطبع من الجزءين الطرفين ؛ فكان يجب أن يميل الجزءان الطرفان إلى الوسط ، وإن لم يكن ذلك ليصلا إليه ، كما قلنا ؛ بل ليكون لهما إليه النسبة المتشابهة المذكورة. وتلك النسبة لا مانع لها ،
__________________
(١) سا. يتسلم.
(٢) م : الجو
(٣) ب : يحيله (الثانية)
(٤) م ، ط : «جزء» منه بدلا من جرمية
(٥) م : ـ الموجود
(٦) ط. يتمهل م. الجد
(٧) د : فلا
(٨) ط. لمخالطته
(٩) ط ، د : الجسم الكروى.
(١٠) م ، سا. ـ فليس
(١١) م : «أن يقبلها» مطموسة. وفى د أن يقيلها
(١٢) سا : ـ أو يلى حسبما يلى الأرض : م. المخالفة المضرسة ، وفى سا. المغشوشه.
(١٣) م : بطيئا ميالا
(١٤) د. تظاهرت
(١٥) ط. يظهر
(١٦) سا : «المركز» مطموسة