وإن قالوا سبب (١) قاسر لم يمكنهم (٢) أن يشيروا (٣) إلى هذا السبب ، فإن الأجسام المكتنفة للأرض ليس لها أن تفسر (٤) ميل (٥) الأرض دفعا. ولو كان المصير إلى هنالك (٦) لكلية (٧) الأرض قسرا لكان لجزئياتها قسرا. ولو كان هبوط المدرة قسرا ودفعا من الهواء المكتنف لما كانت ترجحن (٨) على الموانع من الحركة ، والهواء الذي يكتنفه لا يرجحن البتة ، حتى يجعل الهواء دافعا فيدفعها ، ولكان (٩) الأصغر أشد اندفاعا ، ولكان كلما بعد من مبدأ الحركة صار أبطأ. فإن القسرى كذلك. فإذ ليس شىء من هذه التوالى ، فليست كلية الأرض محصلة هناك قسرا ، وأيضا لا اختيارا ؛ إذ (١٠) لا اختيار لها.
وأما البخت فليس أمرا يعتد بدوامه ؛ بل الأمور البختية لها (١١) أسباب متقدمة ، إما طبيعية ، وإما قسرية ، وإما اختيارية ؛ وعلى ما علمت ، وهذا المعنى لا يتقدمه سبب من هذه. وليس يصح من هذه الأقسام إلا حصوله هناك بالطبع. فإن كانت الطبيعة حصلته (١٢) فيه (١٣) ثم لا تهربه عنه ، فكفى بذلك بيانا لصدور الأمر عن الطبيعة ، وكونه سكونا طبيعيا.
وأما جواب من ظن أن سكونها فى الوسط على نحو سكون التراب وسط قنينة مدارة (١٤) فقريب (١٥) من هذا. فإن مصير الأرض إلى الوسط لو كان يقسره (١٦) لكان حكم المدرة فى أن يكون أصغرها أسرع اندفاعا ، وأبعدها عن المحيط أبطأ حركة ، هو (١٧) الحكم المذكور.
وأيضا فإن القنينة ما بالها توسط (١٨) التراب ، دون الهواء والماء الذي فيها؟ فإن جعل السبب فى ذلك الثقل بقى السؤال فى الثقل ، (١٩) وبقى أن يطلب السبب فى أن كان
__________________
(١) ط : بسبب (٢) ط : يمكنهم إلى
(٣) م ، ب : يسيروا (٤) ط : تفسير
(٥) م ـ ميل (٦) م : إلى هنالك
(٧) ط : بكلية (٨) ط : كان ترجحن
(٩) م : ولو كان (١٠) د : إذا
(١١) م : ـ لها م ، ط : البحث
(١٢) د : حصلت
(١٣) د : ـ فيه ، «ط» : فيها ، وفى «د» و «سا» : بها
(١٤) م ، سا : مداراة (١٥) م : فقربت
(١٦) م : قسرا.
(١٧) ب : وهو
(١٨) م : بوسط
(١٩) سا : فعل ـ سا : المقل ـ م ، سا : المستقبل