ثم مال كل واحد منهم إلى اختيار عنصر واحد. فيشبه (١) أن يكون أقدمهم من رأى أن العنصر الواحد (٢) هو الماء. ودعاه إلى ذلك ظنه أن العنصر ينبغي أن يكون مطاوعا للتشكل والتخليق (٣) حتى يكون منه ما هو عنصر له. فكل (٤) ما هو أشد مطاوعة لذلك فهو أولى بالعنصرية. ثم وجد هذه المطاوعة كأنها فصل (٥) خاص بالرطوبة ؛ والناس كلهم يعتقدون أن الرطوبة ماء ، أو شىء الغالب عليه الماء ، فجعل (٦) الماء البسيط هو العنصر.
قال ولهذا ما نرى (٧) الحيوانات لا تتخلق (٨) (٩) إلا من الرطب ، (١٠) وهو المنى.
والذين رأوا أن الاسطقس (١١) هو الأرض ، وهم قليل (١٢) وغريب ، فقد دعاهم إلى ذلك وجود (١٣) جلّ الكائنات الطبيعية مستقرة على الأرض متحركة (١٤) إلى مكان الأرض بالطبع ، فحكموا من ذلك أن الأرضية هى جوهر الكائنات كلها.
وأما الذين رأوا أن الأسطقس (١٥) نار فقد دعاهم إلى ذلك ما ظنوه من كبر جوهره ، (١٦) كأنهم استحقروا حجم الأرض والماء والهواء فى جنبته ؛ إذ السماوات (١٧) المشعّة والكواكب المضيئة كلها (١٨) عندهم نارية. وحكموا بأن الجرم (١٩) الأكبر مقدارا هو الأولى أن يكون عنصرا ، وخصوصا ولا جسم أصرف فى طبيعته من النار ، وأن (٢٠) الحرارة هى المدرة فى الكائنات كلها ، وما الهواء (٢١) إلا نار مفترة ببرد البخار ، وما البخار (٢٢) إلا ماء متحلل. (٢٣) وما الماء (٢٤) إلا نار (٢٥) مكثفة ، وهواء مكشفا (٢٦) (٢٧) ماء. ولو كان للبرد عنصر يتصور به ، ولم يكن (٢٨) البرد أمرا عرضيا يعرض لذلك العنصر الواحد ، لكان فى العناصر بارد ، برده فى وزن (٢٩) شدة حر النار.
__________________
(١) سا : مشتبه (٢) سا : ـ الواحد
(٣) م : التحليق (٤) د : وكل
(٥) ط : فعل (٦) م : ـ فجعل الماء
(٧) م : يرى (٨) ط : ما يرى أن الحيوانات يتخلق
(٩) م : يتخلق (١٠) د : من الطب
(١١) ب : الاستقصى
(١٢) سا : القليل (١٣) ب ، د : وجودهم
(١٤) ط : ومتحركة (١٥) ب : الاستقص
(١٦) م : ـ من كبر جوهره
(١٧) م : السمويات (١٨) د : ـ كلها
(١٩) د : أن الحرم (٢٠) ط : فإن ، وقد سقطت من «سا»
(٢١) م : وماء الهواء (٢٢) م : وأما النجار.
(٢٣) ط : متخلخل (٢٤) م : وأما الماء
(٢٥) د : ناره
(٢٦) م : تكثفا
(٢٧) ب : مكثفا وماء وهواء ط : مكثفا
(٢٨) م ، سا ، ط : لم يكن
(٢٩) وزان : هكذا فى جميع النسخ ولعلها وزن.