وسواد معا لأنهما فيها (١) لا على (٢) سبيل التكيف بها ، بل كما يكون فى المعقول. والعقول تعقل السواد والبياض من غير تعاند ولا انقسام. ثم إنما يتأدى إلى البصر ما يكون على نسبة ما بين الثلاث (٣) أعنى المبصر والمرآة والمبصر. ولا تتفق نسبة الجميع من كل جزء من المرآة ، بل يكون جزء منها (٤) يؤدى البياض بعينه وجزء آخر يؤدى السواد بعينه ويتحدد بينهما حد فى الرؤية ، فتكون جملة الأداء والتحدد محصلة (٥) الصورة (٦) مثل المبصر فى البصر. وهذا الجواب مما لا أقول به ولا أعرفه ، ولا أفهم كيف تكون الصورة تنطبع فى جسم مادى من غير أن تكون موجودة فيه ، وقد يخلو الجسم عنها وهى منطبعة فيه ، وكيف يكون غير خال عنها وهى (٧) لا ترى فيه (٨) ، بل ترى صورته التي له ، مع أن من شأن ذلك أيضا أن يرى. أو كيف يكون خاليا بالقياس إلى واقف دون واقف وهذا (٩) اشتطاط (١٠) وتكلف بعيد. ومما فيه من التكلف أنهم لا يجعلون للشكل انطباعا فيه ، فإن جعلوا (١١) جعلوا الشكل غير محدود ؛ ومما فيه من التكلف أن يجعلوا صورة السواد فى جسم من غير أن يكون ذلك سوادا للجسم ، وأن يجوزوا أيضا اجتماع البياض فيه فى وقت واحد ويجعلوا صورة السواد غير السواد وصورة البياض غير البياض. وأما حديث العقل والمعقول فدعه إلى وقته.
وأما الجوابان الآخران اللذان يمكن أن يجيب بهما مجيب : أحدهما متشدد فيه والآخر مقارب فيه. فأما (١٢) المتشدد فيه فأن يقال : أما أولا فليس يجب إذا كان شىء يحتاج إليه ، أن يفعل شىء فى شىء أن يكون المحتاج إليه (١٣) مثل المرآة ، والمشف هاهنا ينفعل من المبدأ مثل الانفعال الذي ينفعل به الثالث ، فبرى أن السيف إذا أولم به آلم ، والهدية إذا سربها سرّت ؛ وأما ثانيا فليس بينا بنفسه ولا
__________________
(١) فيها : فيهما م
(٢) لا على : على د.
(٣) الثلاث : الثلاثة م.
(٤) منها : منه د ، ك ، م.
(٥) محصلة : محصلا ف ، م
(٦) الصورة : لصورة م.
(٧) وهى : وهو ك ، م
(٨) فيه : فبها ك.
(٩) وهذا : وهذه ك
(١٠) اشتطاط : إشطاط ف.
(١١) جعلوا جعلوا : جعلوا ك ، م.
(١٢) فأما : أما د ؛ وأما ك.
(١٣) إليه (الثانية) : ساقطة من د.