مدة ليست باليسيرة. وكان هذا الاعتبار من الأسباب التي دفعتني ، بمناسبة صدور الكتاب أعلاه ، إلى الإقدام على مفاتحة سوزان ميلار في الموضوع والإلحاح عليها في تعريب عملها ونشره ، حتى تعم فائدته غير قراء الإنجليزية في المغرب وفي العالم العربي. وحين سألتني عن استعدادي لأكون طرفا في المشروع ، لم أتردد في القبول على الرغم من ضيق الوقت وكثرة الانشغالات.
وقد اعتقدنا في البداية أن إنجاز العمل بحكم وجود النص العربي للرحلة سيكون سهل المنال ، إذ يكفي تعريب الستين صفحة والهوامش المحررة بالإنجليزية في الدراسة والتحقيق. إلا أننا وجدنا أنفسنا أمام مهمة لا تخلو من صعوبات ، نشير في عجالة إلى البعض منها.
لقد حرصنا على تعريب الأفكار الواردة في الدراسة تعريبا سليما وأمينا دون المس بمضامينها أو التصرف فيها. غير أن الكتاب في نسخته الإنجليزية كان يستهدف بطبيعة الحال جمهورا من القراء غالبيته العظمى من الغربيين. ولذا نجد سوزان ميلار عند ترجمتها لنص الرحلة إلى الإنجليزية تعمل قدر المستطاع على ترجمتها بطريقة حرفية حفاظا على أمانة النص الأصلي. وكلما اعترضتها كلمة عربية فصيحة كانت أم دارجة ، إلا وحاولت إيجاد مقابل لها في الإنجليزية ، مع تقديم شروح وجيزة لها في الهوامش لتيسير فهمها ، وهذا لم يكن أمرا سهلا. غير أنها اضطرت في بعض الأحيان إلى الوقوف عند أشياء تبدو بسيطة ، لكن القارئ الغربي يحتاج إلى شروح لفهمها لأنها غريبة عن ثقافته المادية والدينية. وعند تعريب التحقيق ومراجعة النص العربي للرحلة ، اضطررنا إلى التدخل من جديد خاصة في الهوامش ، إما لحذف بعضها بحكم أن ما تتضمنه من شروح يعتبر بديهيا ومن باب تحصيل الحاصل لدى القارئ العربي عامة والمغربي خاصة ؛ وإما لإضافة هوامش جديدة تتعلق بشرح بعض المفردات التي وإن كانت قد كتبت بالعربية فهي لا تخلو من لبس وغرابة. وحتى نميز بين الهوامش الأصلية ومثيلاتها المضافة ، وضعنا بين قوسين كلمة معرب كلما أضيف هامش جديد ، سعيا إلى تقديم عمل متكامل قدر الإمكان.
ومن الصعوبات التي واجهتنا عند تعريب هذا العمل ، اعتماد الباحثة في بعض الاقتباسات الواردة في الدراسة على الترجمات الإنجليزية لبعض أمهات الكتب العربية مثل مقدمة ابن خلدون أو غيرها. وحتى يمكن العثور على الاقتباس نفسه في لغته الأصلية ، كان لا بد من الرجوع إلى النسختين العربية والإنجليزية معا. وللغرض