الأخبار ويحدث من الوقائع في سائر الأقطار ، فاتخذوا لذالك الكوازيط (١) ، وهي ورقات يكتب فيها كل ما وصل إليهم علمه من الحوادث والوقائع في بلدهم أو غيرها من البلدان النائية أو القريبة.
وبيان كيفيتها أن صاحب دار الكازيطة ، يتخذ أقواما يرسلهم لالتقاط الأخبار من كل ما يسمعونه أو يرونه في ذالك اليوم من المهمات والحوادث والوقائع والنوادر ، وغير ذالك مما يحسن الإخبار به. ومن جملة محال التقاطهم للأخبار ، القمرتان الكبيرة والصغيرة اللتان يجتمعون فيها لتدبير قوانينهم (٢). فإذا اجتمع أهل القمرة وأخذوا في الخوض في نوازلهم ووقائعهم ، جلس أصحاب الكوازيط في ناحية يكتبون كلما تكلم به فيها. فكل ما وقع الكلام عليه فيها وانبرم من الأحكام يصبح غدا في الكوازيط ، ويشهر لسائر الناس ، وليس يقدر أحد أن يمنعهم من ذالك ، إلا إن كان كلامهم في أمر سري يجب كتمه عن سائر الناس فيمنعونهم.
ولأصحاب الكوازيط مراسلات ومكاتبات مع سائر البلاد ، ولهم في كل بلد من يعرفهم بأخبارها وما وقع فيها أو بلغها من جهة أخرى ، فلذالك تجد أهل الكوازيط يعرفون غرائب الأخبار قبل الناس. وهاؤلاء الملتقطون يظلون يومهم في التقاط الأخبار ، فإذا أمسوا أتى كل واحد منهم بما جمعه في ذالك اليوم ، فيطبعه صاحب الكازيطة ، ويجعل منه عدة ورقات بطبع الاسطنبا ، وسيأتي بيانها. فإذا أصبح فرقها على من يأخذها منه ، يبعث لكل واحد من مرتبيه ورقة. ومعنى هذا أن سائر أكابر
__________________
(١) ذكر الغساني الكزيطة وقدم لها وصفا في رحلته التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر فقال : «ويسمونها الكاسيطة ، فيطلع الإنسان منها على أخبار كثيرة ، إلا أن فيها من الزيادة والكذب ما تحمل عليه الشهوة النفسانية» ، افتكاك ، ص. ٦٧. وقد اعتمد الصفار في وصفه للكوازيط اعتمادا كبيرا على ما أورده رفاعة الطهطاوي في كتابه تخليص ، ص. ١٠٤ ، ١٧١ ، بالإضافة إلى :. ٢٠١ ـ ٢٠٠ ، ١٣٨L\'or ,p .. ولم تظهر الصحف بطريقة منتظمة في المغرب إلا مع حلول ثمانينيات القرن التاسع عشر في مدينة طنجة. وفي زمن محمد الصفار ، كان الرقاص هو الوسيلة الوحيدة المستعملة لنقل الأخبار الرسمية على شكل رسائل يوجهها السلطان إلى عماله على الأقاليم Aubin ,Morocco ,pp.٨٦ ,٤٢٣ ، انظر أيضا ابن زيدان ، العز ١ ، ص. ٤٠٧.
(٢) ويعني بالقمرتين كلا من :(Chambre des pairs) و (Chambre de؟s de؟pute؟s) ، وسيأتي الحديث عنهما بالتفصيل في حينه.