ومعها سكينة وشوكة مموّهان بالذهب. فإذا فرغوا من أكل الجميع ، أتاهم الخدمة بماء مطبوخ فيه ما تزال به نكهة الطعام كالسعتر ونحوه ، فيغسلون أيديهم ويمضمضون ، ثم يمسح يده ويقومون.
وإن كانوا في دار أحد منهم ، فلا يقومون حتى تقوم ربة المنزل أولا ، ولا يجلسون في الابتداء حتى تجلس. فإذا قاموا فيذهبون لمحل آخر ، لأن محل الأكل غير محل الجلوس ، محافظة على نظافة محل الجلوس. فيتبعهم الخدمة بالقهوة فيشربونها ، ويأخذون في الحديث شيئا ما إن لم يكن لهم ما يحبسهم ويذهب كل واحد لشأنه.
ومقدار مكثهم على الطبلة نحو ساعتين ، لأن من عادتهم إطالة الحديث حال الأكل ، ليبالغوا في الأكل. وقد قالت العرب : «من تمام الضيافة ، الطلاقة عند أول وهلة وإطالة الحديث عند المواكلة». وكنا نكره مجيء وقت الأكل لطول الجلوس ، ولا نفهم كلامهم ، مع أن كثيرا من أطعمتهم لا توافقنا ، فكنا نعيا ونمل لطول المكث والجلوس. هذا ما يتعلق بكيفية الأكل.
وأما أطعمتهم فعمدتها اللحم والسمك والدجاج ، والدجاج الكبير المعروف عندنا بدجاج الهند (١) ، ولحوم الصيد والإوز. ثم الأرز والفداويش وكويرات يصنعونها من الدقيق قلبها هاش ويقلونها كالسفنج الصغير. والجلبانة الخضراء ولا تنقطع عندهم لأنهم يعالجون زرعها في البيوت بالنار كما تقدم ، وكذالك الفول الأخضر يوجد عندهم دائما. وكذالك السلق واللوبيا ويطبخونها بالحليب والكرافس نيئا ومطبوخا ، واللفت ويطبخونها وحدها ولا يجعلونها مع اللحم كما نفعله نحن. ولفتهم كثير الحلاوة ، حتى أن بعض الناس لا يقدر على أكلها لشدة حلاوتها. ولهم أنواع من العقيد (٢) ، منه ما هو من البيض والسكر والدقيق والحليب ، ومنها ما هو من القهوة ومنها غير ذالك. ومن خضراواتهم الخرشرف أضلاعه وكوبه ، ويطبخون كلا على حدته. وكذالك نوع من الكرنب ويطبخونه وحده بلا ملح ، وحين يوضع للأكل يملح ويجعل عليه الخل والزيت.
ومن خضراواتهم أيضا البطاطة الرومية وقل أن يخطيها طعام ، يستعملونها
__________________
(١) الديك الرومي.
(٢) نوع من الحلويات الذي يحضر بالدقيق والبيض والحليب والسكر (المعرب).