كراسي أمامهم ويجعلون عليها أوراقا فيها ذالك الغناء ، كل واحد أمامه كتابه.
فبعد أن فرغنا من عشائنا ، وحضر معنا فيه بعض من عرضه صاحب الدار ، خرجنا من بيت الأكل ودخلنا القبة المذكورة. فجعل الناس يدخلون أفواجا رجالا ونساء ، ومناد واقف بالباب ، كلما دخل شخص نادى عليه فلان جاء ، فيأتي الواحد منهم بامرأته أو بنته ، أو تأتي المرأة وحدها حتى امتلأت القبة. ولا يجلس إلا النساء ، وكلهن مزينات بأحسن زينتهن لابسات أفخر ثيابهن على اختلاف ألوانها أبيض وأحمر وأزرق. وحد الستر في لباسهن الثديان فهما مستوران ، وما فوقهما من الصدر والظهر والرقبة والعضد مكشوف بادي. ويسترن بعض العضد إلى نصف الساعد بأكمام ضيقة على قدر العضد ، وقد لا يبلغ المرفق. ويحتزمن على الخصر تحت ذالك الثوب بحزام ضيق لرقة خصورهن ، قيل إنهن يربينه كذالك من سن الصغر بقالب معد له. فخصرها قد يمكن أن تحلق عليه بأصابعك لرقته ونحافته ، ويجعلن الثوب الذي على الخصر ضيقا على قدره ، حتى يكون ذالك الخصر باديا ظاهرا في رقته ولطافته. ويرخين الثوب فيما أسفل من ذالك حتى يعظم به المردف ، ولعله بشيء يجعلنه تحته ، فتصير كما قال الشاعر :
أسيلات أبدان رقاق خصورها |
|
وثيرات ما التفت عليه المئازر |
وتسدل ذالك الثوب حتى يستر بنانها ، فلا يظهر من أسفلها شيء بالكلية ، فإذا أقبلت عليك تشتهي أن تمسكها من ذالك الخصر :
قد رق لي خصره المضني فناسبني |
|
فقلت خير الأمور الأنسب الوسط |
وقد خفا الردف عني من تثاقله |
|
فقلت هذا على ضعفي هو الشطط |
وأما شعرها فإنها تعمد إليه أولا فتسرحه تسريحا جيدا ، ثم تقسمه من مقدم رأسها قسمين حتى تترك ساقية بيضاء بينهما ، ثم تظفره في بعضه بعضا ، ثم تلوي تلك الظفيرة على مؤخر رأسها بصنعة بديعة ، فتكون دائرة مستقيمة تشبه في الشكل فم الرمانة إلا أنها أوسع منه. ثم تركز في وسط الدائرة مشطة من الصدف أو ما