إلى الآن. وقد بلغنا أنكم تريدون غزوها وتملكها ، فهذا وشبهه مما يكدر ويوجب الشنئان.
ومن ذلك قضية وادي نون ، فقد ترددت له مراكبكم ، وبلغنا أنكم تريدون البناء به والتجارة فيه. وتلك الأرضين كلها من عمالة سيدنا وأسلافه ، وقبائلها تحت حكمه. وهذا من الأسباب التي شككت العامة في انعقاد الصلح بيننا وبينكم. وقالوا لو كان هذا الصلح صحيحا ما طمع الفرنصيص في إيالتنا حتى تأتي مراكبه لواد نون. مع أن القانون والمهادنة تقتضي ترك هذا وشبهه وتسليمه لأهله. وإن كان لا علم لكم به ، فها نحن أعلمناكم لتحسموا مادة ذالك. وان كان غرضكم في التجارة عندنا فاتوا على القانون المتعارف بيننا وبينكم ، وتكونون في إعزاز وتوقير كما هي عادتنا معكم من قديم الزمان.
ومن ذالك أمر الحاج عبد القادر ، فان ضرره اليوم علينا وإفساده في إيالتنا أكثر وأعظم منه عليكم. إذ لا يخفى أنه أفسد قبائل الإيالة وصدها عن الخدمة ، وغرها بما يظهر من السعي في الجهاد وخدعهم بترهاته واستمالهم بسحره. وسيدنا ليس بغافل عنه ولا متهاون بأمره. ولا يخفى عليكم أيضا أن سيدنا كلف عمال تلك الناحية بالسعي في فسخ عقده والحرص على إخراجه وطرده. ولو قابله عمال سيدنا بالقتال فذالك مراده ، لأن تلك القبائل تلتف عليه وتشد فيه ، ويصعب أمرها لصعوبة جبالها. وغير خاف عليكم فساد قبائل الريف ومن والاهم وعدم استقامتهم من قديم. فاستعمال السياسة في إخراجه أولى بتخذيل العامة عنه وتزهيدهم فيه حتى يبقى وحده ، ولا يقبله أحد ويخرج بلا مشقة ولا تعب. فمن تمام المصافات إسقاط شرط إخراجه ، لأن غرضنا دوام المصالحة وخلوص المحبة معكم حتى لا يكون هناك ما يكدرها.
وأما ما وقع منكم بطنجة والصويرة من الهجوم ولرمي عليها بلا سبب ولا تقدم إعلام بنقض صلح ولا عقد كرة ، حتى ضاع للرعية وبيت المال ما له خطر وبال ، فقد كان خارجا عن القانون. فإن الشروط المنعقدة بين الدولتين تخالف هذا. لأن من جملتها وهو الشرط التاسع عشر أنه إذا حصل خلل في الشروط التي انعقد عليها الصلح ، فلا يفسد الصلح بسبب ذالك. وإنما يبحث عن المسلة ويرجع فيها إلى الحق من أي إيالة كان ، ولا يتعرض لرعايا الدولتين الذين لا مدخل لهم في شيء من الأشياء. مع أن قونصو الانكليز ادرمند هني ، كان قدم لحضرة سيدنا في شأن