وتعزيز المداخيل الجمركية لبيت مال المخزن (١). وبعد ذلك ، جاءت الثورة الفرنسية والحروب النابوليونية ، فكان لها تأثير حاسم على مستوى العلاقات بين المغرب وأوربا فانقطعت الصلات بينهما. وعلاوة على ذلك ، أثيرت صراعات شديدة على الحكم في المغرب بعد وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد الله ، جعلت البلاد تتخبط في جو من الصدامات وأعمال العنف. ودخلت بذلك الحياة السياسية في مرحلة من التجاوزات بشكل ما تحدثت عنه من قبل أقلام الإخباريين المغاربة وكتاباتهم (٢).
وكان لا بد من انتظار حلول عشرينيات القرن التاسع عشر ، ليتمكن المغرب وأوربا من تجاوز مرحلة سادت فيها الاضطرابات. وفي مختلف أرجاء القارة ، احتفل الأوربيون بحلول السلام على طريقتهم الخاصة ، فاندفعوا برغبة قوية في تحقيق النمو والتطور في كل المجالات ، وشرعوا جادين في البحث عن الأسواق الخارجية والمواد الأولية. وبينما كانت أوربا بصدد الدخول في عهد جديد ، كنا نجد المغرب على عكس من ذلك متجها إلى الانطواء على نفسه ، بل إنه يقدم ، خلال فترة حكم المولى سليمان (١٧٩٣ ـ ١٨٢٢) ، على قطع جل علاقاته مع الأوربيين. وفي سنة ١٨١٧ ، نفذ السلطان قراره القاضي بتفكيك ما تبقى من العناصر المكونة للأسطول البحري المغربي ، فوضع بذلك حدا للحركة التجارية البحرية بواسطة المراكب المغربية (٣). وفي هذا السياق ، أغلقت كل المراسي أمام التجارة الأجنبية ، ومنع
__________________
(١)Daniel Schroeter, Merchants of Essaouira : Urban Society and Imperialism in Southwestern Morocco, ٤٤٨١ ـ ٦٨٨١) Cambridge, ٨٨٩١ (, pp. ١١ ـ ٠٢.
وانظر نسخته المعربة : دانييل شروتير ، تجار الصويرة ، المجتمع الحضري والإمبريالية في جنوب غرب المغرب ، ١٨٤٤ ـ ١٨٨٦. تعريب خالد بن الصغير ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ، سلسلة نصوص وأعمال مترجمة ٦ ، ١٩٩٧.
(٢) أحمد بن خالد الناصري ، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى ، تسعة أجزاء ، (الدار البيضاء ، ١٩٥٦) ، ٨ : ٧٢ ـ ٨٦.
(٣) عن تفكيك الأسطول المغربي عند بداية القرن الثامن عشر ، انظر : محمد المنوني ، مظاهر يقظة المغرب الحديث (الرباط ، ١٩٧٣) ، ١ : ٣ ـ ٨. (جميع الإحالات إلى هذا الكتاب من طبعة سنة ١٩٧٣ ، ما لم يشر إلى خلافه). انظر أيضا :
J. L. Mie؟ge," La marine marocaine aux XIXe؟me sie؟cle", Bulletin de l\'enseignement publique au Maroc, ٧٣٢) ٦٥٩١ (: ١٥ ـ ٧٥.