المغاربة من السفر خارج البلاد إلا بترخيص من السلطان (١). وحاول خلفه السلطان مولاي عبد الرحمن (١٨٢٢ ـ ١٨٥٩) تدارك الموقف وتصحيح الخلل ، لكنه فشل في تحقيق ذلك ، فعاد المغرب إلى العزلة التي كان قد فرضها على نفسه بمحض إرادته (٢).
ودام الانفصام الذي كاد أن يكون تاما في علاقات المغرب مع الغرب مدة تجاوزت جيلا واحدا. وفي غضون ذلك ، تمكنت أوربا من الدخول في مرحلة حافلة بالتحولات والتطورات الجديدة بأشكال لم يكن بإمكان غالبية المغاربة تصورها آنذاك (٣).
وقد أدى الاحتلال الفرنسي للجزائر إلى الإسراع بوضع حد لتلك المرحلة وإنهائها ، وزج بالمغرب من جديد في خضم القضايا الأوربية. فوجد السلطان نفسه مكرها على أن يصبح طرفا في قضايا تدخل في اهتمامات جيرانه الجدد المحتلين للجزائر. وكانت بداية التدخل المغربي في تلك القضايا مع الأمير عبد القادر الزعيم الجزائري الذي نظم المقاومة المحلية ضد الفرنسيين ابتداء من ١٨٣٠. وكان السلطان قد بادر إلى مده بالزاد والسلاح ، تعبيرا منه بذلك عن قيامه بواجبه الديني الهادف إلى الوقوف في وجه التهديد المسيحي. لكن السلطان كان في الوقت نفسه ، شديد الحذر من جيش الأمير غير النظامي ، وكثير الاحتراس من استغاثته الدينية به ، وأيضا كان يخشى أن يكون سببا في إثارة فرنسا لتقوم بمهاجمة المغرب (٤).
__________________
(١) نذكر مثالا على ذلك ، الظهير الصادر عن السلطان مولاي ليمان لفائدة الحاج عبد الرحمن أشعاش بتاريخ ٢٨ شوال ١٢٢١ / ٨ يناير ١٨٠٧ ، يسمح له فيه بالسفر خارج المغرب. داود ، تاريخ تطوان ، ٣ : ٢٣٦.
(٢) J. Caille؟," Le dernier exploit des corsaires du bou ـ Regreg", Hesp. ٧٣, ٣ ـ ٤) ٠٥٩١ (: ٩٢٤ ـ ٧٣٤.
(٣) من أجل إلقاء نظرة عامة وشاملة ، انظر ما يلي :
J. L. Mie؟ge, Le Maroc et L\'Europe, ٤ vols.) Paris, ١٦٩١ (, vol. ٢ : L\'ouverture, pp. ٩١ ـ ٨٥٢; L. Valensi, Le Maghreb avant la prise d\'Alger) ٠٩٧١ ـ ٠٣٨١ (,) Paris, ٩٦٩١ (.
(٤) عن حركة المقاومة التي قام بها عبد القادر بن محيي الدين المختاري (١٨٠٧ ـ ١٨٨٣) ، ما بين ١٨٣٢ وإلى حدود ١٨٤٧ ، انظر ما يلي :
R. Gallissot," La guerre d\'Abd el Kader ou la ruine de la nationalite؟alge؟rienne) ٩٣٨١ ـ ٧٤٨١ (", H ـ T ٥) ١٣٩١ (: ١٤ ـ ٩١١.