استمرت تلك العلاقات الطيبة المشوبة بالكثير من المصاعب بين الطرفين طوال المدة التي اقتصرت فيها فصول الحرب على المجال الترابي للجزائر. لكن مع حلول سنة ١٨٤١ ، دخل الصراع الفرنسي المغربي في مرحلة جديدة بصفة مفاجئة. إذ أكد الجنرال بيجو (Bugeaud) ، فور تعيينه قائدا للجيوش الفرنسية ، أنه «لن يسمح للعرب بالقيام بأعمال الحرث أو الحصاد ، ولا حتى بالرعي دون حصولهم على تصريح بذلك منا» ، أي من الفرنسيين. وفي نهاية المطاف ، أدى عزمه الشديد على ملاحقة الأمير عبد القادر دون هوادة إلى عبور الزعيم الجزائري للحدود المجاورة والدخول إلى المغرب (١). وفي يوم ٦ غشت / آب ١٨٤٤ ، قامت وحدات من الأسطول الفرنسي ، دون سابق إنذار بضرب طنجة بالقنابل. وبعد ذلك بأيام قليلة ، ضربت مرسى الصويرة بالقذائف إلى أن تحولت المدينة إلى خراب. وفي خلال أسبوع واحد ، تمكن الفرنسيون من إلحاق الضرر وتعطيل النشاط التجاري بمرسيين هامين ، ومن توجيه ضربة قوية إلى مداخيل السلطان الجمركية (٢). وفي غضون ذلك ، عبر الجنرال بيجو الحدود فشتت جموع الجيش المغربي في وادي إيسلي ؛ وبذلك ألحقت الهزيمة بالمغاربة برا وبحرا.
__________________
ـ أما عن تفاصيل المبادرات ذات الطابع الدبلوماسي ، فانظر :
P. de Cosse؟ـ Brissac, Les Rapports de la France et du Maroc pendant la conque؟te de l\'Alge؟rie) ٠٣٨١ ـ ٧٤٩١ () Paris, ١٣٩١ (.
وانظر كتاب العروي الذي قدم فيه تأويلات جديدة بعد فترة الحماية :
A. Laroui, History of the Maghrib) Princeton, ٧٧٩١ (, pp. ٩٩٢ ـ ١٠٣.
ويعتبر كتاب جوليان أساسيا في الموضوع ، انظر :
C. ـ A. Julien, Histoire de l\'Alge؟rie Contemporaine) Paris, ٤٦٩١ (, ch. ٤.
ويقول بول أزان (Paul Azan) إن عبد القادر منح للسلطان «المكانة نفسها التي يستحقها السيد من تابعه» ، انظر :
Julien, Histoire, p. ٢٤١.
(١) ورد ذلك عند جوليان : Julien ,Histoire ,p.٤٧١.
(٢) انظر ما رواه شاهد عيان عن هذه الأحداث في كتابه الآني :
A. H. Warnier, Campagne du Maroc, ٤٤٨١,) Paris, ٩٩٨١ (.