ومصر وتونس بخيرة الفرق العسكرية ، ولتتمكنوا من دراسة علومنا وصناعتنا» (١).
هناك ضغوط وأسباب كثيرة ، دفعت المغاربة في تلك الظروف إلى التفاوض. وقد كان أولها الوضعية الخاصة بالأمير عبد القادر ، إذ كانت فرنسا تمارس ضغوطها على المغرب لإبعاد الأمير عن التراب المغربي ، بينما كان السلطان بحاجة إلى مزيد من الوقت. وحاول روش البرهنة على أن لجوء المغرب إلى المطالبة بالمزيد من الأناة والصبر بتوجيه الدعوة إلى فرنسا مباشرة من باريز قد تكون درجة إقناعه أقوى من الاتصالات الدبلوماسية غير المباشرة في المغرب (٢). علاوة على ذلك ، فقد كانت في مشاهدة فرنسا مباشرة مصلحة وفائدة. ومن الممكن أن تكون من الأفكار التي أوحت بقبول تلك السفارة ، مسألة إتاحة الفرصة أمام إمكانية جمع المعلومات والمعطيات مباشرة ، وبواسطة مبعوث يحظى بالثقة الكاملة ، بدلا من الاعتماد على وسطاء قد تحوم شكوك كثيرة حول صدقهم ودرجة ولائهم. وفي الأخير ، فإنه من الممكن أيضا أن يكون السلطان قد اقتنع بأن التفاوض في مثل تلك الحالات يمثل أفضل الحلول. وإذا كان الجهاد هو أحد مظاهر العلاقات مع البلدان غير الإسلامية ، فإن الصلح والمهادنة هما أيضا من الوسائل التي يلجأ إليها الحكام المسلمون منذ العهود الباكرة. وما دام هناك إجماع على اعتبار الممارسة الدبلوماسية مع غير المسلمين تخدم مصالح الجماعة وما دامت القضايا المتعاقد عليها ذات طابع مؤقت قصير الأمد ، فإنها كانت منذ زمن ، من الأدوات السياسية المستحسنة والجاري بها العمل (٣).
__________________
(١) AAE / CPM ١٤ / ١٨٢ ، روش إلى ابن ادريس ، ١٢ شتنبر ١٨٤٥.
(٢) AAE / CPM ٤١ / ٢٥١ ـ ٣٥١ ، رسالة روش إلى الجنرال دولا مورسيير (de La Morcie؟re) ، ٣ شتنبر ١٨٤٥. وكتب السلطان إلى بوسلهام بأن أهداف السفارة هي «إظهار محو ما كان صدر بين الإيالتين من الغيام ورجوع ما كان بينهما إلى حاله الأول» ، بالإضافة إلى احتمال أن الفرنسيين قد «يبطلون شرط الحاج عبد القادر [...] والمقصود الأهم هو اغتنام فك أسارى المسلمين من أيدي أعداء الدين». غير أن المصادر الفرنسية لا تتحدث بتاتا عن هذه النقطة الأخيرة. رسالة السلطان إلى بوسلهام ، ٢٢ جمادى الثاني ١٢٦١ / ٢٨ يونيو ١٨٤٥ ، مسجلة ضمن محفوظات مديرية الوثائق الملكية تحت رقم ١٧٥٦١ ، ومنشورة في الجزء الثاني من دورية الوثائق ، ص. ٢٨ ـ ٢٩.
(٣) أولى تقاة المسلمين اهتماما خاصا للشروط التي تستوجب السفر إلى بلدان غير البلدان الإسلامية.
وتنص التعاليم الإسلامية على ألا تشد الرحال الا في اتجاه الأماكن التي تقيم بها عناصر