من أثرياء التجار (١) المتميزين ببرانسهم وجلاليبهم النظيفة الناصعة البياض والذين كانت لهم مشاركة ما في التجارة الدولية. وحاول سكان تطوان الاستفادة من بعدهم النسبي عن مراكز السلطة المخزنية ، فسعوا جاهدين في الوصول إلى «الرفع من مقدار ثرواتهم عن طريق التجارة ، واستمتاعهم في سلام وسكينة ، بما يجدونه من سعادة في الآداب والفنون» (٢).
وكان ثراء المدينة يجذب الأنظار إليها ، مما جعلها تكون بين الفينة والأخرى ، مسرحا لمظاهر العنف والاضطراب. وفي سنة ١٢٣٦ / ١٨٢٠ دخل إلى المدينة بعض القبليين المؤيدين للمولى إبراهيم ، أحد المتنافسين على السلطة مع السلطان المولى سليمان ، «[...] واستولوا على مال المرسى ، وعلى مخازن السلطان وما فيها من سلاح وكتان وملف وغير ذلك [...]» (٣). وفي أحيان أخرى ، كان السلطان يتدخل في الحياة التجارية الحرة لتطوان ويقوم ـ حسب التعبير المخزني ـ ب «أكل» ممتلكات التجار الذين تفاحشت ثرواتهم بشكل أصبح باديا للعيان (٤). لكن حياة الهدوء كانت في غالبية الأوقات مخيمة على المستوى المحلي للمدينة ، وإن تخللتها في بعض اللحظات اضطرابات ظرفية ثمنا لما كانت تعرفه مرساها من إيقاع تجاري على حظ وافر من الرخاء.
وفي بعض الأحيان ، كانت تلك التجارة تلزم التطوانيين بالاغتراب مؤقتا
__________________
(١) تعني لفظة «التاجر» في التعبير العامي المغربي ذلك التاجر النموذجي الناجح ، الذي غالبا ما تكون له مساهمة بشكل من الأشكال في التجارة الدولية.
(٢) انظر المراجع التالية :
G. S. Colin, EI I, S. V." Tittawin"; J. D. Latham," The Reconstruction and Expansion of Tetuan : The Period of Andalusian Immigration", Arabic and Islamic Studies in Honor of Gamilton A. R. Gibb, ed. G. Makdisi) Leiden, ٥٦٩١ (, pp. ٧٨٣ ـ ٨٠٤; A. joly," Te؟touan". ٢ e؟me partie," Histoire", AM ٥) ٥٠٩١ (: ٨٩١ ـ ٤٦٢, ٣١٣ ـ ٨١٣.
(٣) الناصري ، الاستقصا ، ٨ : ١٥٢.
(٤) في سنة ١٢٤٢ / ١٨٢٦ ، قبض القائد محمد أشعاش بأمر من السلطان مولاي عبد الرحمن على اثنين من أعيان تجار تطوان ثم «استصفى من أموالهما ما وصلت إليه يده ... وبعث بالكل إلى السلطان» ، تطوان ، ٣ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩.