أيام انحلالها وانشغال بالها بالحوادث والظاهر أن هؤلاء أيام القجارية في أوائلهم كانوا يؤدبونهم كأنهم من عشائرهم ... ولكن درويش باشا الفريق يعين بالاستدلال في التواريخ المذكورة أنها من عشائر العراق ، ويدعو حكومته للتوسل بما يستدعي جلبهم للاستفادة من مكانتهم لتأمين السلطة على المواطن المنازع فيها (١) ... ومثله في سياحتنامهء حدود ... ولكن الإيرانيين سبقوا العثمانيين ، وقربوهم لجهتهم ... وصاروا يعدون إيرانيين مع العلم بأن أقسامهم الأخرى لا تزال في العراق وهي ليست بالقليلة ... وأما المواطن المنازع فيها فقد أشغلتها إيران ، ولا تزال في تصرفها ...
ومن أهم ما يجب التعرض له أن محمد باشا الراوندوزي كان قد ضيق أكثر على قبيلة بلباس ، فمالت الى إيران. كان محمد باشا قد هاجم طائفة مامش ، فقتل رئيسها حمزة اغا ، وولديه ، واثنين من إخوانه ، وأربعة من أقاربه مما سهل أن تقيم القبيلة في الشتاء والصيف خارج حدود العراق ، في سلدوز وبسوه حتى سنة ١٢٥٠ ه ، ومن ثم تابعت إيران ، فقطع الراوندوزي علاقتها بالعراق ، ورحلها ، فاختارت لاهيجان وطنا دائميا ، فتمكنت هناك. وفي سنة ١٢٥٣ ، أو ١٢٥٤ ه قد أعطيت بالالتزام أنحاء بسوه من منطقة لاهيجان وكان رئيس هذه القبيلة (طائفة مامش) بيروت اغا أخذها بمبلغ سنوي قدره (٥٠) ألف قرش (ألف تومان) (٢) بصورة (مقطوع) ، فأحيلت عليه ، وخصص له من هذا المبلغ مائتا تومان باسم مواجب ، والباقي صار يؤخذ منه في كل سنة.
ولما ضبط الراوندوزي كويسنجق لم يرتض نجيب باشا والي بغداد عمله هذا ، ولم يوافق على كل ما كان قد قبل به رضا باشا والي بغداد الأسبق ، فأمر أن يقوم متصرف لواء السليمانية (سليمان باشا) بتنكيله ، فجهز عليه وحاربه إلا أنه لم يتمكن منه ، فاضطر أن يستمد بإيران ، فقام
__________________
(١) تقرير الحدود ص ٧٣.
(٢) التومان خمسون قرشا صحيحا. وتعينت قيمته.