علم القراءات ، وما يتعلق بذلك كالفرق بين القراءة ، والرواية ، والطريق ، والوجه ، وكيفية جمع القراءات لمسيس الحاجة لجميع ذلك.
ليعلم : أن طلب حفظ القرآن العزيز والاجتهاد في تحرير النطق بلفظه والبحث عن مخارج حروفه ، وصفاتها ، ونحو ذلك ... وإن كان مطلوبا حسنا لكن فوقه ما هو أهم منه ، وأولى ، وأتم ، وهو فهم معانيه والتفكر فيه ، والعمل بمقتضاه ، والوقوف عند حدوده ، والتأدب بآدابه قال الغزالي (١) رحمهالله تعالى : أكثر الناس منعوا من فهم القرآن لأسباب ، وحجب سد لها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن منها :
أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها ، قال : وهذا يتولاه شيطان وكّل بالقراء ليصرفهم عن فهم معاني كلام الله تعالى ، فلا يزال يحملهم على ترديد الحروف يخيل إليهم أنها لم تخرج من مخارجها ، فهذا يكون تأمله مقصورا على ذلك ، فأنى تنكشف له المعاني ، وأعظم ضحكة للشيطان من كان مطيعا لمثل هذا التلبيس ، ثم قال : وتلاوة القرآن حق تلاوته أن يشترك فيه اللسان ، والعقل ، والقلب ، فحظ اللسان تصحيح الحروف ، وحظ العقل تفسير المعاني ، وحظ القلب الاتعاظ ، والتأثر ، والانزجار ، والائتمار ، فاللسان يرتل ، والعقل ينزجر ، والقلب يتعظ انتهى.
وفي الجامع الكبير للسيوطي رحمهالله تعالى من حديث أبي بن كعب. أن النبي صلىاللهعليهوسلم صلى بالناس ، فقرأ عليهم سورة ، فأغفل منها آية ، فسألهم هل تركت شيئا ، فسكتوا ، فقال : ما بال أقوام يقرأ عليهم كتاب الله تعالى لا يدرون ما قرئ عليهم فيه ، ولا ما ترك هكذا كانت بنو إسرائيل خرجت خشية الله من قلوبهم ، فغابت قلوبهم ، وشهدت أبدانهم ، ألا وإن الله عزوجل لا يقبل من أحد عملا حتى يشهد بقلبه ما يشهد ببدنه ـ وفي الحديث ـ هلك المتنطعون هم المتعمقون الغالون الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم ـ مأخوذ من النطع وهو ما ظهر من الغار الأعلى (٢).
وإذا أراد القارئ : القراءة ، فلينظف فمه بالسواك ، ويتطهر ، ويتطيب ، وليكن في مكان نظيف ، والمسجد أفضل بشرطه ، والمختار عدم الكراهة في الحمام ، والطريق ما لم يشتغل ، وإلا كره كحش ، وبيت الرحى ، وهي تدور ، أو فمه متنجس لا محدث ، فلا يكره ، ويسن الجهر بها إن أمن رياء ، وتأذي أحد من نحو نائم ، ومصل ، وقارئ. لحديث البياضي ، وهو صحيح : «لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن» ، وأما الحديث الدائر بين الناس «ما أنصف القارئ المصلى» ، فقال الحافظ ابن حجر لا أعرفه ويغني
__________________
(١) الغزالي هو : الإمام محمد بن محمد (أبو حامد). (ت ٥٠٥ ه) (١١١١ م). [أ].
الأعلام : (٧ / ٢٢).
(٢) رواه السيوطي في الجامع الصغير عن ابن مسعود رضي الله عنه ورقمه : (٩٥٩٤). [أ].