مروي عن حفص لأنها حروف مقطعة ونظيرها نون عين عند السين من فاتحة الشورى ولم أر من نبه عليه فليراجع وأما (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) المرسلات [الآية : ٢٠] فاجمعوا على إدغامه إلا أنهم اختلفوا في إبقاء صفة الاستعلاء في القاف فبالإدغام التام أخذ الداني وبإبقاء صفة الاستعلاء أخذ مكي والأول أصح رواية وأوجه قياسا كما في النشر قال فيه بل ينبغي أن لا يجوز البتة غيره في قراءة أبي عمرو في وجه الإدغام الكبير لأنه يدغم المتحرك من ذلك إدغاما محضا ، فالساكن أولى وأحرى (١).
الفصل السادس
في أحكام النون الساكنة والتنوين
أكثر مسائل هذا الفصل إجماعية ؛ وإنما ذكروه هنا لكثرة دور مسائله ، والاختلاف في بعضها ، وقيدوا النون بالسكون لتخرج المتحركة ، وترك ذلك في التنوين لأن وضعه السكون ، وأكثرهم قسم أحكام الباب إلى أربعة : إظهار ، وإدغام ، وقلب ، وإخفاء قيل : والتحقيق أنها ثلاثة : إظهار ، وإدغام محض ، وغير محض ، وإخفاء مع قلب ، وبدونه ، ودليل الحصر استقرائي لأن الحرف الواقع بعدهما إما أن يقرب من مخرجهما جدا أو لا الأول : واجب الإدغام ، والثاني : إما أن : يبعد جدا أولا ، الأول : واجب الإظهار ، والثاني : واجب الإخفاء. فالإخفاء حينئذ حال بين الإدغام والإظهار ، وقيل : بل خمسة والخلف لفظي.
الأول : الإظهار ، وهو عند حروف الحلق الستة وهي : الهمزة نحو : (يَنْأَوْنَ) فقط (مَنْ آمَنَ ، عادٍ إِذْ) والهاء (عَنْهُمُ ، مِنْ هادٍ ، امْرُؤٌ هَلَكَ) والعين (أَنْعَمْتَ ، مِنْ عَمَلِ ، حَقِيقٌ عَلى) والحاء (وَانْحَرْ ، مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) والغين (فَسَيُنْغِضُونَ ، مِنْ غِلٍ ، ماءٍ غَيْرِ) الخاء (الْمُنْخَنِقَةُ ، فَإِنْ خِفْتُمْ ، يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) فاتفق القراء على إظهار النون الساكنة والتنوين عند الستة لبعد المخرجين إلا أن أبا جعفر قرأ بإخفائهما عند الأخيرين الغين ، والخاء المعجمتين كيف وقعا لكن استثنى بعض أهل الأداء له (فَسَيُنْغِضُونَ) الإسراء [الآية : ٥١] ، (يَكُنْ غَنِيًّا) النساء [الآية : ١٣٥] (وَالْمُنْخَنِقَةُ) المائدة [الآية : ٣] فأظهر فيها كالجمهور ، وفي النشر الاستثناء أشهر ، وعدمه أقيس (٢).
الثاني : الإدغام في ستة أحرف أيضا ، وهي : النون نحو : (عَنْ نَفْسٍ ، مَلِكاً نُقاتِلْ) والميم (مِنْ مالٍ ، سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) والواو (مِنْ والٍ ، رَعْدٌ وَبَرْقٌ) والياء (مَنْ يَقُولُ ، فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ) واللام (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، والراء (مِنْ رَبِّهِمْ ، ثَمَرَةٍ رِزْقاً) فاتفقوا على إدغامها في الستة مع إثبات الغنة مع النون ، والميم ، وأما اللام ، والراء ،
__________________
(١) لقد طول البحث العلامة ابن الجزري في هذه المسائل وأراني لم أجد كتابا قد أعطى هذا الباب والمسائل الموجودة في خضمّه أكثر منه فللمزيد انظر أول المجلد الثاني حتى الصفحة (٢). [أ].
(٢) انظر الصفحة : (١ / ٢٢٣). [أ].