رَبُّكَ) إذ النون من ذلك تسكن للإدغام قال : وبعدم الغنة قرأت عن أبي عمرو في الساكن ، والمتحرك ، وبه آخذ ، ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار أي حيث لم يدغم الإدغام الكبير قال : في الأصل بعد نقله ما ذكر : لكن القراءة سنة متبعة فإن صح نقلا أتبع.
باب هاء الكناية (١)
ويسميها البصريون ضميرا وهي التي يكنى بها عن المفرد الغائب ولها أحوال أربعة.
الأول : أن تقع بين متحركين نحو : (إِنَّهُ هُوَ ، لَهُ صاحِبَةٌ ، فِي رَبِّهِ أَنْ) ولا خلاف في صلتها حينئذ بعد الضم بواو ، وبعد الكسر بياء لأنها حرف خفي إلا ما يأتي إن شاء الله تعالى.
الثاني : أن تقع بين ساكنين نحو : (فِيهِ الْقُرْآنُ ، آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ).
الثالث : أن تقع بين متحرك ، فساكن نحو : (لَهُ الْمُلْكُ ، عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) وهذان لا خلاف في عدم صلتهما لئلا يجتمع ساكنان على غير حدهما.
الرابع : أن تقع بين ساكن ، فمتحرك نحو : (عَقَلُوهُ وَهُمْ ، فِيهِ هُدىً) وهذا مختلف
__________________
عنه في النون الساكنة والتنوين في اللام والراء ومن لم يروها. ا ه ولو وردت الغنة في ذلك لخرجت على اعتبار العارض ووجب قبولها وطرح الأصل الذي هو أقوى من العارض. وبهذا تعلم أن قوله ويحتمل أن القارئ بإظهار الغنة إنما يقرأ بذلك في وجه الإظهار حيث لم يدغم الإدغام الكبير مجرد توهم سرى له من ترك الغنة في المتحرك. وإلا لجزم به ولم يعبر بالاحتمال (وإذا بطل) هذا القياس وفسد هذا الاحتمال وزال هذا التوهم بقي الحكم في كل باب على ما ثبت به الرواية فيه. وقول العلامة الأجهوري : واختلف في لن نؤمن لك ، «أي على قراءة المدغم ومن المعلوم أن هذا لا يتأتى إلا على وجه إظهارها في الساكن» فهو وإن كان صريحا في إجراء الوجهين لا ينبغي اعتباره لأنه خلاف الصواب على الصحيح ولعله أخذه من القياس المذكور فليعلم (ثم إن) قوله وبعدم الغنة قرئت عن أبي عمر وفي الساكن والمتحرك وبه أخذ نص في أن الغنة له لم تثبت عنده بطريق الأداء بل بطريق النص كبعض من هي لهم على شرط كتابه فإنه قال وقد وردت الغنة مع اللام والراء عن كل من القراء وصحت من طريق كتابنا نصا وأداء عن أهل الحجاز والشام والبصرة وحفص. ثم بين طريق الأداء بقوله وقرئت به من رواية قالون وابن كثير وهشام وعيسى بن وردان وروح وغيرهم ا ه ومعلوم ضرورة أن قوله وغيرهم لا يعين شخصا فإدخال واحد دون غيره فيه تحكم وشموله للباقين كلهم باطل وإلا فما ثمرة التخصيص بل لو كان ذلك الغير من طريق كتابه لصرح به كما هو اصطلاحه في كل ما رواه أداء. والله أعلم.
(١) وهي اسم مبني لشبهه بالحرف وضعا وافتقارا. وعلى حركة لتوحيده وكانت ضمة تقوية لها. ووصلت بمد لخفائها وانفرادها وكانت المدة واو اتباعا وكسرت الهاء مع الكسرة والباء مجانسة فصارت الصلة ياء لذلك. وفتحت للمؤنث فصارت ألفا وحذفت الصلة وقفا تخفيفا. وبقيت الألف في المؤنث للدلالة على الفرعية وذكرت بعد الإدغام لأنها أول أصل اختلف فيه بعد الإدغام الواقع في الفاتحة. وهو فيه هدى.
إتحاف فضلاء البشر / م ٤