والذي اتفق عليه الجمهور : قديما ، وحديثا أنها قبل القراءة ، وقيل بعدها ، ونقل عن حمزة ، وقيل قبلها بمقتضى الخبر ، وبعدها بمقتضى القرآن جمعا بين الأدلة ، ونقل الثاني عن مالك ، وغيره لم يصح ، وكذا الثالث ، والمختار لجميع القراء في كيفيتها : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وهو المأخوذ به عند عامة الفقهاء ، وحكى فيه الإجماع لكنه تعقب بما روى من الزيادة ، والنقص ، فلا حرج على القارئ في الإتيان بشيء من صيغ الاستعاذة مما صح عند أئمة القراء (١).
فمما ورد : في الزيادة على اللفظ المتقدم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم نص عليه الداني في الجامع ورواه أصحاب السنن الأربعة عن أبي سعيد الخدري بإسناد جيد ، وروى ذلك عن الحسن مع زيادة ، إن الله هو السميع العليم مع الإدغام ، وعن الأعمش من رواية المطوعي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم ، وعن الشنبوذي كذلك لكن بالإدغام (٢).
ومما ورد في النقص عنه : ما في حديث جبير بن مطعم المروي في أبي داود أعوذ بالله من الشيطان فقط (٣).
ويستحب : الجهر بها عند الجميع إلا ما صح من إخفائها من رواية المسيبي عن نافع ، ولحمزة وجهان : الإخفاء مطلقا ، والجهر أول الفاتحة فقط ، والمراد بالإخفاء الإسرار على ما صوبه في النشر ، ومحل الجهر حيث يجهر بالقراءة فإن أسر القراءة أسر الاستعاذة لأنها تابعة ، وهذا في غير الصلاة أما فيها فالمختار الإسرار مطلقا. وقيد أبو شامة إطلاقهم اختيار الجهر بحضرة سامع ، ويجوز الوقف على التعوذ ، ووصله بما بعده بسملة كان أو غيرها من القرآن ، وظاهر كلام الداني : أن الأول وصلها بالبسملة وأما من لم يسم ، فالأشبه الوقف على الاستعاذة ، ويجوز الوصل ، وعليه لو التقى مع الميم مابابابايىيثلها نحو (الرجيم ما ننسخ) أدغم من مذهبه الإدغام كما يجب حذف همزة الوصل في نحو (الرجيم اعلموا أنما) (٤).
تتمة : إذا قطع القارئ القراءة لعارض من سؤال ، أو كلام يتعلق بالقراءة لم يعده بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبيا ، ولو رد السلام فإنه يستأنف الاستعاذة ، وكذا لو كان القطع إعراضا عن القراءة.
__________________
(١) انظر ما قاله ابن الجزري في هذا الحديث ورواته. النشر : (١ / ٢٤٥). [أ].
(٢) الحديث مروي في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في أول باب من رأى الاستفتاح في الصلاة بسبحانك ورقمه : (٧٧٥). [أ].
(٣) لم أجد في سنن أبي داود سوى الحديث السابق أعلاه وكذا حديث للسيدة عائشة رضي الله عنها ورقمه : (٧٨٥) وفيه أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم». [أ].
(٤) إن في بحث الاستعاذة أخذ ورد في النصوص أسهب الكلام فيها العلامة محمد بن الجزري في نشره فانظر للمزيد : (١ / ٢٤٣) وما بعدها. [أ].