وقرأ يعقوب : بإدغام الباء في الباء في (الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) بالنساء [الآية : ٣٦] وقرأ رويس بإدغام أربعة أحرف كأبي عمرو لكن بلا خلاف : (نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ، إِنَّكِ كُنْتِ) طه [الآية : ٣٣] (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) المؤمنون [الآية : ١٠١] واختلف عنه في إدغام اثني عشر حرفا (لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) بالبقر [الآية : ٢٠] (وَجَعَلَ لَكُمْ)(١) النحل [الآية : ٧٢] جميع ما في النحل ، وهو ثمانية ، و (لا قِبَلَ لَهُمْ) النمل [الآية : ٣٧] (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى ، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) بالنجم [الآية : ٤٩] كلاهما بالنجم ، فأدغمها النخاس من جميع طرقه ، وكذا الجوهري كلاهما عن التمار ، وهو الذي لم يذكر الداني ، وأكثر أهل الأداء عن رويس سواه ، فهو الراجح ، ورواها أبو الطيب ، وابن مقسم كلاهما عن التمار عنه بالإظهار ، واختلف عن رويس أيضا لكن من غير ترجيح في أربعة عشر حرفا ثلاثة بالبقرة (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ، وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ ، ونَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) بعدها ، وفي الأعراف (مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) وفي الكهف (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) وفي مريم (فَتَمَثَّلَ لَها) وفي طه (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) وفي النحل (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ) وفي الزمر (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) وفي الروم (كَذلِكَ كانُوا) وفي الشورى (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) وفي النجم (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) الأولان ، وفي الانفطار (رَكَّبَكَ كَلَّا) وروى الأهوازي وابن الفحام إدغام (جَعَلَ لَكُمُ) جميع ما في القرآن ، وروى الحمامي التخيير فيها.
وروى أبو الكرم الشهرزوري صاحب المصباح عن يعقوب بكماله إدغام جميع ما أدغمه أبو عمرو من المثلين ، والمتقاربين ، وإليه الإشارة بقول الطيبة :
وقيل عن يعقوب ما لابن العلا
وكذا ذكره أبو حيان في كتابه المطلوب في قراءة يعقوب ، وبه قرأ ابن الجزري عن أصحابه ، وحكاه أبو الفضل الرازي ، واستشهد به للإدغام مع تحقيق الهمزة قال شيخنا ، وذلك لأنهم لما أطلقوا الإدغام عنه ، ولم يشترطوا له ما اشترطوا لأبي عمرو ـ دل على إدغامه بلا شرط. قال : وكما دل على الإدغام مع الهمز يدل عليه مع مد المنفصل ، وهو كذلك كما تقدم التصريح به ، واختص يعقوب عن أبي عمرو بإدغام التاء من (رَبِّكَ تَتَمارى) بالنجم [الآية : ٥٥] ورويس بإدغامها من (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) بسبإ [الآية : ٤٦] وإذا ابتدءا بهاتين الكلمتين ، فبتاءين مظهرتين موافقة للرسم ، والأصل بخلاف الابتداء بتاءات البزي الآتية إن شاء الله تعالى فإنها مرسومة بتاء واحدة فكان الابتداء بها كذلك.
وافق اليزيدي أبا عمرو على إدغام جميع الباب بقسميه اتفاقا واختلافا والحسن على إدغام المثلين في كلمتين فقط ، وزاد تاء المتكلم ، والمخاطب ك (كُنْتُ تُراباً ، أَفَأَنْتَ
__________________
(١) وحيث وقعت. [أ].