وخصه بعضهم بأصحاب الحدر كأبي عمرو ، ومن معه ، والصحيح كما في النشر جواز كل من الثلاثة للجميع لعموم قاعدة الاعتداد بالعارض ، وعدمه عن الجميع ، ولا فرق عند الجمهور بين سكون الوقف وسكون الإدغام عند أبي عمرو خلافا لأبي شامة في تعيينه المد حالة الإدغام إلحاقا له باللازم ، والدليل على أن سكون إدغام أبي عمرو عارض إجراء أحكام الوقف عليه من الإسكان ، والروم ، والإشمام كما تقدم بخلاف نحو : (الصَّافَّاتِ) لحمزة فإنها ملحقة باللازم كما نقدم في أمثلتنا ، فهو عنده كالحاقة ، و (دَابَّةٍ) وكذا نحو : (أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) لرويس كما تقدم أيضا نص على جميع ذلك في النشر ، وفرق شيخنا رحمهالله تعالى بين إدغام أبي عمرو ، وإدغام غيره ممن ذكر بأن أبا عمرو يجوز عنده كل من الإدغام ، والإظهار بخلاف نحو حمزة فإن الإدغام لازم عنده ، فكان المد معه. واجبا لذلك ، ثم أورد عليه أن من روى الإدغام لأبي عمرو أوجبه له انتهى.
ولا يخفي أن قضية الفرق المذكور أن من روى عن يعقوب إدغام جميع ما أدغمه أبو عمرو كصاحب المصباح (١) يجري له الأوجه الثلاثة في نحو : (الرَّحِيمِ مالِكِ) الفاتحة [الآية : ٣ ـ ٤] بالألف ، وهو ظاهر لكني لم أر من نبه عليه ، فلينظر.
الثاني من سببي المد السبب المعنوي ، وهو قصد المبالغة في النفي ، وهو قوى مقصود عند العرب لكنه أضعف من اللفظي عند القراء ، ومنه المد للتعظيم ، وبه قال بعضهم لأصحاب قصر المنفصل فيما نص عليه الطبري ، وغيره قال ابن الجزري : وبه قرأت ، وهو أحسن ، وإياه اختار نحو : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) ويسمى مد التعظيم ، ومد المبالغة لأنه طلب للمبالغة في نفي الألوهية عن سوى الله تعالى ، وقد أشار إليه في الطيبة بقوله :
* والبعض للتعظيم عن ذي القصر مد (٢) *
ولذا استحب بعضهم مد الصوت بلا إله إلا الله لما فيه من التدبر ، وفي مسند الفردوس ، وذكره في النشر من غير عزو وضعفه عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا(من قال لا إله إلا الله ومد بها صوته أسكنه الله دار الجلال دارا سمى بها نفسه ، فقال : ذو الجلال ، والإكرام ، ورزقه النظر إلى وجهه الكريم) وهو مروي عن حمزة في نحو : (لا رَيْبَ فِيهِ ، لا شِيَةَ ، لا جَرَمَ ، فَلا مَرَدَّ لَهُ) هكذا اقتصر في ذكر الأمثلة في الأصل كغيره ، وهو يفيد تقييد مدخول لا بالنكرة المبنية كما نبه عليه شيخنا رحمهالله تعالى ، وبه يصرح قول النشر لا التي للتبرئة (٣) ويشكل عليه حينئذ تمثيل النويري بلا خوف ، فليعلم ،
__________________
(١) صاحب المصباح هو الإمام : أبو الكرم الشهرزوري. النشر : (١ / ٩٠). [أ].
(٢) ورقمها في متن الطيبة : (١٦٦). [أ].
(٣) قوله لا التي للتبرئة. وأفرادها الدائرة في القرآن ثلاثة وأربعون. وهي : (لا ريب ، لا علم ، لا شية ، لا