وسبب ذلك منع النفس عمّا تهوىٰ ، وحملها على ما تكره ، ومفتاح ذلك ترك الراحة ، وحبّ العزلة ، وطريقة الافتقار إلى الله تعالىٰ .
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : (اُعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ، وحروف العبد ثلاثة (العين والباء والدال) (١) ، فالعين علمه بالله ، والباء بونه عمّن سواه ، والدال دنوّه من الله بلا كيف ولا حجاب) (٢) .
والمراد بإقامة الصلاة أداؤها على الوجه المأمور به من رعاية آدابها وشرائطها الظاهرية والباطنية من الخضوع والخشوع ، والإقبال الكلّي بالقلب على باب المعبود ، والتوجّه بالكامل إلى جناب الرب الودود (٣) ، وقد صلّى
________________________
١ ـ في المصدر (ع ، ب ، د) .
٢ ـ راجع مصباح الشريعة للإمام الصادق عليهالسلام ، الباب الثاني ، ص ٧ . ط : بيروت .
٣ ـ قال الإمام الصادق عليهالسلام في مصباح الشريعة ص ٨٧ ، الباب التاسع
والثلاثون : (إذا استقبل القبلة فأيس من الدُّنيا وما فيها والخلق وما هم فيه ، وفرّغ قلبك عن كلّ شاغل يشغلك عن الله تعالىٰ وعاين بسرّك عظمة الله عزّوجلّ ، واذكر
وقوفك بين يديه ، وقف على قدم الخوف والرجاء ، فإذا كبّرتَ فاستصغر ما بين السماوات العُلى والثرىٰ دون كبريائه ، فإنّ الله تعالى إذا اطّلع
على قلب العبد وهو يكبِّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره ، فقال : يا كذّاب أتخدعني وعزّتي وجلالي لأحرمنّك حلاوة ذكري ولأحجبنّك عن قربي والمسرّة بمناجاتي . واعلم أنّه تعالى
غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عنك وعن عبادتك ودعائك ، وإنّما دعاك بفضله ليرحمك ويبعّدك عن عقوبته وينشر عليك من بركات حنانيّته ويهديك إلى سبيل رضاه ويفتح عليك باب مغفرته ، فلو خلق الله عزّوجلّ على ضعف ما خلق من العوالم أضعافاً مضاعفة على سرمد الأبد لكان عند الله سواء أكفروا به
بأجمعهم أو