والكرم الذي لم يزل بيته مناخاً للوافدين والأضياف ، محبوباً لدى العوامّ والخواصّ ، وكان رحمهالله بجانب عظيم من الزهد والتقشّف ، كان جشب المأكل وخشن الملبس حيثُ سار بسيرة الأولياء الصالحين من السلف الصالح ، وكان صلب الإيمان ، وافر العقل ، حسن الصحبة ، ذا أناة وتأمّل ، لم يأخذه الطيش والحدّة إذا غضب ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ، وكان مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه .
وكان رحمهالله دائم الذكر والتلاوة ، كثير التهجّد والعبادة ، وكان متّصفاً بالأخلاق السنيّة والشيم المرضية ؛ من لين العريكة ، وصفاء الحقيقة ، وخلوص المحبّة ، وشدّة ولائه لأهل بيت العصمة والطهارة وإحياء ذكرهم ببثّ آثارهم الشريفة . وكان كثير التحمّل ـ مع كثرة عائلته ـ للفقر والفاقة(١) .
وأيضاً هناك ترجمة ضافية لشيخنا المترجم ذكرها بنفسه في آخر كتاب لباب الألقاب منها ، قال : (وبالجملة لولا أنّ تزكية المرء لنفسه قبيحة عند أرباب العقول لفصّلتُ الكلام فيما مَنَّ الله عَليَّ من الخصائص في الأحوال بما يطول ، والقول المجمل في ذلك أنّي لم أشتغل من بدو تمييزي قبل بلوغي إلى هذه السنة ١٣١٩ هجري بما اشتغلَ به اللّاهون والغافلون ولم أصرف عمري فيما صرف فيه البطّالون ولم أحبّ المخالطة مع الجَهَلة ولم أركن إلى الظَلَمة ، بل كنتُ محبّاً للاعتزال ، مجتنباً عن
________________________
١ ـ هذا الكلام ذكره سبطه في آخر كتاب (أحسن التراتيب) .