المعقولات جميعا. والمراد بمطابقة القضيّة لنفس الأمر مطابقتها لما عنده من الصورة المعقولة.
وفيه : أنّ الكلام منقول إلى ما عنده من الصورة المعقولة ، وهي صورة معقولة تقتضي مطابقا فيما وراءها تطابقه.
وقيل (١) : المراد بنفس الأمر نفس الشيء ، فهو من وضع الظاهر موضع الضمير ، فكون العدم ـ مثلا ـ باطل الذات في نفس الأمر كونه في نفسه كذلك.
وفيه : أنّ ما لا مطابق له في خارج ولا في ذهن لا نفسيّة له حتّى يطابقها هو وأحكامه.
وثامنا : أنّ الشيئيّة مساوقة للوجود (٢) ، فما لا وجود له لا شيئيّة له ، فالمعدوم من حيث هو معدوم ليس بشيء.
ونسب إلى المعتزلة (٣) أنّ للماهيّات الممكنة المعدومة شيئيّة في العدم ، وأنّ بين الوجود والعدم واسطة يسمّونها «الحال» وعرّفوها بصفة الموجود الّتي ليست موجودة ولا معدومة كالضاحكيّة والكاتبيّة للإنسان (٤) ، لكنّهم ينفون الواسطة بين
__________________
ـ المقاصد ١ : ٩٥ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ٥٧ ، وشوارق الإلهام : ١٢٣.
(١) والقائل هو القوشجيّ في شرح التجريد : ٥٦ حيث قال : «والمراد بنفس الأمر ما يفهم من قولنا : هذا الأمر كذا في نفسه أو ليس كذا ... على أنّ المراد بالأمر الشأن والشيء وبالنفس الذات». وذهب إليه أيضا الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة (قسم الحكمة) : ٥٤.
(٢) أي : كلّ موجود شيء ، وكلّ شيء موجود.
(٣) كأبي يعقوب وأبي علي وابنه وأبي الحسن الخيّاط والبلخي وأبي عبد الله وابن عيّاش وعبد الجبّار ، هكذا في أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٤٩. ونسب إليهم في المحصّل : ٨٥ ـ ٩١ ، والأسفار ١ : ٧٥ ـ ٧٨ ، وشرح المقاصد ١ : ٨٠ ، وشرح المواقف : ١٠٩ ، وقواعد المرام في علم الكلام : ٤٩ ، والمقاومات : ١٢٥ ـ ١٢٧ ، والمطارحات : ٢٠٣ ـ ٢٠٩.
(٤) فالحال عندهم واسطة بين الموجود والمعدوم ، لا موجودة ولا معدومة ، بل هي صفة للموجود.
وقال التفتازانيّ : «المراد بالصفة ما لا يعلم ولا يخبر عنه بالاستقلال ، بل بتبعيّة الغير. والذات بخلافها ، وهي لا تكون إلّا موجودة أو معدومة ، بل لا معنى للموجود إلّا ذات لها صفة الوجود ، وللمعدوم إلّا ذات لها صفة العدم. والصفة لا تكون لها ذات ، فلا تكون موجودة ـ