مثلها في قول ذي الرّمة :
٢٧٣ ـ اُنيخَتْ فألقتْ بلدةً |
|
فوق بلدة قليلٌ بها الأصوات إلاّ بُغامُها (١) |
وإما لإفادة التقليل ، مثلها في «أكلتُ أكلاًمّا» وعلى هذا فيكون تقليلاً بعد تقليل ، ويكون التقليل على معناه ، ويزعم قوم أن «ما» هذه اسمٌ كما قدمناه في (مثلاً مّا بَعُوضَةً) (البقرة /٢٦).
ثانيها : النفي ، و «قليلاً» نعت لمصدر محذوف ، أو لظرف محذوف ، أي : «إيماناً قليلاً أو زمناً قليلاً» أجاز ذلك بعضهم ، ويرده أمران :
أحدهما : أن «ما» النافية لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، ويسهل ذلك شيئاً ما على تقدير «قليلاً» نعتاً للظرف؛ لأنهم يتّسعون في الظروف (٢) ، وقد قال (٣) :
٢٧٤ ـ |
ونحن عن فضلك ما استغنينا |
|
والثاني : أنهم لا يجمعون بين مجازين ، ولهذا لم يجيزوا «دخلتُ الأمرَ» : لئلا يجمعوا بين حذف «في» وتعليق الدخول باسم المعنى ، بخلاف «دخلت في الأمر» و «دخلت الدار» واستقبحوا «سِيرَ عليه طويلٌ» ؛ لئلا يجمعوا بين جعل الحدث أو الزمان مسيراً وبين حذف الموصوف؛ بخلاف : «سير عليه طويلاً» و «سير عليه سَيرٌ طويل ، أو زمن طويل».
ثالثها : أن تكون مصدرية ، وهي وصلتها فاعل بـ «قليلاً» و «قليلاً»
__________________
١ ـ تقدم برقم ٢٥.
٢ ـ قال ابن هاشم في بحث «إذا» من المغني : «إن هذا التوسع خاص بالشعر» والكلام ليس فيه بل في أفصح الكلام. فافهم.
٣ ـ هذا من رجز نسب إلى عبدالله بن رواحة وعامر بن أكوع. شرح شواهد المغني : ١/٢٨٦.