له ، واجتماع الناس عليه وانتظارهم إيّاه ، فأزمع الشخوص ، الى الكوفة ، ولقيه عبد الله بن الزبير ، فى تلك الأيّام ولم يكن شيء أثقل عليه ، من مكان الحسين بالحجاز ، ولا أحبّ إليه من خروجه الى العراق طمعا فى الوثوب بالحجاز ، وعلما بأنّ ذلك لا يتمّ له الّا بعد خروج الحسين عليهالسلام ، فقال له : على أىّ شيء عزمت يا أبا عبد الله؟.
فأخبره ، برأيه فى اتيان الكوفة وأعلمه بما كتب به مسلم بن عقيل إليه ، فقال له ابن الزبير : فما يحبسك فو الله لو كان لى مثل شيعتك بالعراق ما تلوّمت فى شيء ، وقوى عزمه ، ثمّ انصرف. وجاء به عبد الله بن عبّاس ، وقد أجمع رأيه على الخروج ، وحققه فجعل يناشده فى المقام ، ويعظم عليه القول فى ذمّ أهل الكوفة وقال له : انّك تأتى قوما قتلوا أباك وطعنوا أخاك وما أراهم الّا خاذليك.
فقال له : هذه كتبهم معى وهذا كتاب مسلم باجتماعهم ، فقال له ابن عبّاس : أما إذا كنت لا بدّ فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك ، ولا حرمك ، ولا نسائك ، فخليق ان تقتل وهم ينظرون إليك كما قتل ابن عفان ، فأبى ذلك ولم يقبله ، قال : فذكر من حضره يوم قتل وهو يلتفت الى حرمه واخوته وهنّ يخرجن من اخبيتهنّ جزعا ، لقتل من يقتل معه وما يرينه به ، ويقول : لله درّ ابن عبّاس فيما أشار علىّ به قال : فلمّا أبى الحسين قبول رأى ابن عبّاس ، قال له : والله لو أعلم أنى إذا تشبثت بك ، وقبضت على مجامع ثوبك وادخلت يدى فى شعرك ، حتّى يجتمع الناس علىّ وعليك ، كان ذلك نافعى لفعلته ، ولكن أعلم أنّ الله بالغ أمره ، ثمّ أرسل عينيه فبكى ، وودّع الحسين وانصرف. ومضى الحسين لوجهه ولقى ابن عباس بعد خروجه عبد الله ابن الزبير فقال له :
يا لك من قبرة بمعمر |
|
خلّالك الجوّ فبيضى واصفرى |
ونقرى ما شئت أن تنقرى |
|
هذا الحسين خارجا فاستبشرى |