فقال قد خرج الحسين وخلت لك الحجاز (١).
١٤ ـ قال الدينورى : قالوا : ولمّا ورد كتاب مسلم بن عقيل ، على الحسين عليهالسلام : إنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعنى من أهل الكوفة ، ثمانية عشر ألف رجل ، فاقدم فانّ جميع الناس معك ، ولا رأى لهم فى آل أبى سفيان ، فلمّا عزم على الخروج ، وأخذ فى الجهاز بلغ ذلك عبد الله بن عبّاس ، فأقبل حتّى دخل على الحسين عليهالسلام فقال : يا ابن عمّ ، قد بلغنى أنّك تريد المسير الى العراق.
قال الحسين : أنا على ذلك. قال عبد الله : أعيذك بالله يا ابن عمّ من ذلك. قال الحسين : قد عزمت ، ولا بدّ من المسير ، قال له عبد الله : أتسير الى قوم طردوا أميرهم عنهم ، وضبطوا بلادهم؟ فان كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم ، وإن كانوا إنّما يدعونك إليهم ، وأميرهم عليهم ، وعمّا له يجبونهم ، فانّهم إنّما يدعونك الى الحرب ، ولا آمنهم أن يخذلوك كما خذلوا أباك وأخاك.
قال الحسين يا ابن عمّ ، سأنظر فيما قلت ، وبلغ عبد الله بن الزبير ما يهمّ به الحسين ، فأقبل حتّى دخل عليه ، فقال له : لو أقمت بهذا الحرم ، وبثثت رسلك فى البلدان ، وكتبت الى شيعتك بالعراق ، أن يقدموا عليك ، فاذا قوى أمرك ، نفيت عمّال يزيد عن هذا البلد ، وعلىّ لك المكانفة والمؤازرة ، وان عملت بمشورتى طلبت هذا الامر بهذا الحرم ، فانّه مجمع أهل الآفاق ، ومورد أهل الاقطار لم يعدمك باذن الله إدراك ما تريد ، ورجوت أن تناله.
قالوا : ولما كان فى اليوم الثالث عاد عبد الله بن عبّاس الى الحسين ، فقال له : يا ابن عمّ لا تقرب أهل الكوفة ، فانّهم قوم غدرة ، وأقم بهذه البلدة ، فانّك سيّد أهلها ، فان أبيت فسر الى أرض اليمن ، فان بها حصونا وشعابا ، وهى أرض طويلة
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٧٢.