١٥ ـ قال الطبرى قال هشام عن أبى مخنف : حدّثنى الصقعب بن زهير ، عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى ، قال : لمّا قدمت كتب أهل العراق الى الحسين ، وتهيأ للمسير الى العراق ، أتيته فدخلت عليه وهو بمكّة ، فحمدت الله وأثنيت عليه ، ثمّ قلت : أمّا بعد ، فانّى أتيتك يا ابن عمّ لحاجة أريد ذكرها لك نصيحة ، فان كنت ترى أنّك تستنصحنى والّا كففت عمّا أريد أن أقول :
فقال : قل ، فو الله ما أظنّك بسيئ الرأى ، ولا هو للقبيح من الامر والفعل ، قال : قلت له : إنّه قد بلغنى انّك تريد المسير الى العراق ، وإنّى مشفق عليك من مسيرك ، انّك تأتى بلدا فيه عمّاله وأمراؤه ، ومعهم بيوت الاموال ، وإنّما الناس عبيد لهذا الدرهم والدينار ، ولا آمن عليك أن يقاتلك من وعدك نصره ، ومن أنت أحبّ إليه ممّن يقاتلك معه.
فقال الحسين : جزاك الله خيرا يا ابن عمّ ، فقد والله علمت أنّك مشيت بنصح ، وتكلّمت بعقل ، ومهما يقض من أمر يكن ، أخذت برأيك أو تركته ، فأنت عندى أحمد مشير ، وأنصح ناصح ، قال : فانصرفت من عنده فدخلت على الحارث ابن خالد بن العاص بن هشام ، فسألنى : هل لقيت حسينا؟ فقلت له : نعم ، قال : فما قال لك ، وما قلت له؟ قال : فقلت له : قلت كذا وكذا ، وقال كذا وكذا ، فقال : نصحته وربّ المروة الشهباء ، أما وربّ البنية إنّ الرأى لما رأيته ، قبله أو تركته ، ثمّ قال :
ربّ مستنصح يغشّ ويردى |
|
وظنين بالغيب يلفى نصيحا(١) |
١٦ ـ عنه قال أبو مخنف : وحدّثنى الحارث بن كعب الوالبىّ ، عن عقبة بن سمعان ، أنّ حسينا لما أجمع المسير الى الكوفة ، أتاه عبد الله بن عباس ، فقال : يا ابن
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٣٨٢.