عمّ إنّك قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق ، فبيّن لى ما أنت صانع؟ قال : إنّى قد أجمعت المسير فى أحد يومىّ هذين إن شاء الله تعالى ، فقال له ابن عبّاس : فانّى أعيذك بالله من ذلك ، أخبرنى رحمك الله! أتسير الى قوم قد قتلوا أميرهم ، وضبطوا بلادهم ، ونفوا عدوّهم؟
فان كانوا قد فعلوا ذلك فسر إليهم ، وان كانوا إنمّا دعوك إليهم وأميرهم عليه قاهر لهم ، وعمّاله تجيء بلادهم ، فانّهم إنمّا دعوك الى الحرب والقتال ، ولا آمن عليك أن يغرّوك ويكذّبوك ، ويخالفوك ويخذلوك ، وأن يستنفروا إليك فيكونوا أشدّ الناس عليك ، فقال له حسين : وانّى أستخير الله وأنظر ما يكون. قال : فخرج ابن عبّاس من عنده ، وأتاه ابن الزبير فحدّثه ساعة ، ثمّ قال :
ما ادرى ما تركنا هؤلاء القوم وكفّنا عنهم ، ونحن أبناه المهاجرين ، وولاة هذا الامر دونهم! خبرنى ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين : والله لقد حدّثت نفسى باتيان الكوفة ، ولقد كتب الىّ شيعتى بها وأشراف أهلها ، وأستخير الله ، فقال له ابن الزبير : أما لو كان لى بها مثل شيعتك ما عدلت بها ، قال : ثمّ انّه خشى أن يتّهمه فقال : أما انّك لو أقمت بالحجاز. ثمّ أردت هذا الامر هاهنا ما خولف عليك إن شاء الله ، ثمّ قام فخرج من عنده.
فقال الحسين : ها إنّ هذا ليس شيء يؤتاه من الدنيا أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز الى العراق وقد علم انّه ليس له من الامر معى شيء وأنّ الناس لم يعدلوه بى فودّ أنى خرجت منها لتخلو له قال : فلمّا كان من العشىّ أو من الغد أتى الحسين عبد الله بن العبّاس ، فقال : يا ابن عمّ انّى أتصبر ولا أصبر ، إنى أتخوّف عليك فى هذا الوجه الهلاك ، والاستيصال ، إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم ، أقم بهذا البلد فانّك سيّد أهل الحجاز.
فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عدوّهم ، ثمّ