فقلت : لمن هذا القطار؟ فقيل : للحسين بن على ، فأتيته فقلت : بأبى وأمّى يا ابن رسول الله! ما أعجلك عن الحجّ؟ فقال : لو لم أعجل لأخذت.
قال : ثمّ سألنى : ممّن أنت؟ فقلت له : امرؤ من العراق ، قال : فو الله ما فتّشنى ، عن أكثر من ذلك ، واكتفى بها منّى ، فقال : أخبرنى عن الناس خلفك؟ قال : فقلت له :
القلوب معك ، والسيوف مع بنى اميّة ، والقضاء بيد الله ، قال : فقال لى : صدقت ؛ قال : فسألته عن أشياء ، فأخبرنى بها من نذور ومناسك ، قال : وإذا هو ثقيل اللسان من برسام أصابه بالعراق.
قال : ثمّ مضيت فاذا بفسطاط مضروب فى الحرم ، وهيئة حسنة ، فأتيته فاذا هو لعبد الله بن عمرو بن العاص ، فسألنى ، فأخبرته بلقا ، الحسين بن على ، فقال لى : ويلك! فهلا اتّبعته ، فو الله ليملكنّ ، ولا يجوز السلاح فيه ولا فى أصحابه ، قال : فهممت والله أن ألحق به ، ووقع فى قلبى مقالته ، ثمّ ذكرت الأنبياء وقتلهم ، فصدّنى ذلك عن اللحاق بهم.
فقدمت على أهلى بعسفان ، قال : فو الله انّى لعندهم إذ أقبلت عير قد امتارت من الكوفة ، فلمّا سمعت بهم خرجت فى آثارهم حتّى اذا اسمعتهم الصوت وعجلت عن اتيانهم صرخت بهم ، ألا ما فعل الحسين بن على؟ قال : فردّوا على : ألا قد قتل قال : فانصرفت وأنا ألعن عبد الله بن عمرو بن العاص (١).
٦ ـ قال الدينورى : ثمّ سار حتّى إذا انتهى الى الصفّاح ، لقيه هناك الفرزدق الشاعر ، مقبلا من العراق ، يريد مكّة ، فسلّم على الحسين ، فقال له الحسين : كيف خلّفت الناس بالعراق؟ قال : خلّفتهم وقلوبهم معك ، وسيوفهم عليك. ثمّ ودّعه (٢)
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٣٨٦.
(٢) الاخبار الطوال : ٢٤٥.