فقلنا له ننشدك الله فى نفسك وأهل بيتك الّا انصرفت من مكانك ، هذا فانّه ليس لك بالكوفة ناصر ، ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك ، فنظر الى بنى عقيل ، فقال ما ترون فقد قتل مسلم ، فقالوا والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نذوق ما ذاق.
فأقبل علينا الحسين عليهالسلام وقال لا خير فى العيش بعد هؤلاء ، فعلمنا انّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له خار الله لك ، فقال : رحمكما الله ، فقال له أصحابه إنّك والله ما أنت مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع ، فسكت ثمّ انتظر حتّى اذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه أكثروا من الماء فاسقوا وأكثروا ثمّ ارتحلوا (١).
٢٨ ـ قال أبو الفرج : فلمّا صار فى بعض الطريق لقيه أعرابيان من بنى أسد ، فسألهما عن الخبر ، فقالا له : يا ابن رسول الله إن قلوب النّاس معك وسيوفهم عليك فارجع ، واخبراه بقتل ابن عقيل وأصحابه فاسترجع الحسين عليهالسلام ، فقال له بنو عقيل: لا نرجع والله أبدا أو ندرك ثأرنا أو نقتل بأجمعنا ، فقال لمن كان لحق به من الاعراب : من كان منكم يريد الانصراف عنّا فهو فى حلّ من بيعتنا ، فانصرفوا عنه وبقى فى أهل بيته ونفر من أصحابه (٢)
٢٩ ـ قال الدينورى : قالوا : ولمّا رحل الحسين من زرود ، تلقّاه رجل من بنى أسد ، فسأله عن الخبر ، فقال : لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل ، وهانى ابن عروة ، ورأيت الصبيان يجرّون بأرجلهما ، فقال : انّا لله وانّا إليه راجعون ، عند الله نحتسب أنفسنا ، فقال له : أنشدك الله يا ابن رسول الله فى نفسك ، وأنفس أهل بيتك ، هؤلاء الذين نراهم معك ، انصرف الى موضعك ، ودع المسير الى الكوفة
__________________
(١) الارشاد : ٢٠٤.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٧٣.