فو الله ما لك بها ناصر.
فقال بنو عقيل ـ وكانوا معه ـ : مالنا فى العيش بعد أخينا مسلم حاجة ، ولسنا مراجعين حتّى نموت. فقال الحسين : «فما خير فى العيش بعد هؤلاء» وسار (١).
٣٠ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى أبو جناب الكلبى ، عن عدى بن حرملة الاسدى ، عن عبد الله بن سليم ، والمذرى بن المشمعل الاسديين ، قالا : لما قضينا حجّنا لم يكن لنا همّة الّا اللّحاق بالحسين فى الطريق ، لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلناه ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتّى لحقناه بزرود ، فلمّا دنونا منه اذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين ، قالا : فوقف الحسين كأنّه يريده ، ثمّ تركه ، ومضى ومضينا نحوه.
فقال أحدنا لصاحبه ، اذهب بنا الى هذا ، فلنسأله ، فان كان عنده خبر الكوفة علّمناه ، فمضينا حتّى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك ، قال : وعليكم السلام ورحمة الله ، ثمّ قلنا : فمن الرجل؟ قال : أسدىّ : قلنا : فنحن أسديان ، فمن أنت؟ قال : أنا بكير بن المثعبة ، فانتسبنا له ، ثمّ قلنا : أخبرنا عن الناس وراءك ؛ قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانى بن عروة ، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما فى السوق.
قالا : فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين ، فسايرناه حتّى نزل الثعلبيّة ممسيا ، فجئناه حين نزل ، فسلّمناه عليه فردّ علينا ، فقلنا له : يرحمك الله ، إنّ عندنا خبرا فان شئت حدّثنا علانية ، وان شئت سرّا ، قال : فنظر الى أصحابه وقال : مادون هؤلاء سرّ ، فقلنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منّا ، ذو رأى و
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٤٧.