أصحابه يا عقبة بن سمعان اخرج الخرجين اللّذين فيهما كتبهم الىّ ، فاخرج خرجين مملوّين ، كتبا فنشرت بين يديه فقال له الحرّ : لسنا من هؤلاء الّذين كتبوا إليك وقد أمرنا اذا لقيناك أن لا نفارقك حتّى نقدم بك الكوفة على عبيد الله بن زياد.
فقال له الحسين عليهالسلام : الموت أدنى إليك من ذلك ، ثمّ قال لأصحابه قوموا فاركبوا ، فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم ، وبين الانصراف فقال الحسين عليهالسلام للحرّ : ثكلتك امّك يا ابن يزيد ، قال الحرّ : أمّا لو غيرك من العرب يقولها لى وهو على مثل الحال الّتي أنت عليها ما تركت ذكر امّه بالثكل ولكن والله ما لي الى ذكر أمّك من سبيل إلّا بأحسن ما نقدر عليه.
فقال الحسين عليهالسلام : فما تريد؟ قال : أريد أن أنطلق بك الى الأمير عبيد الله ، قال : إذا والله ما اتّبعك قال : إذا والله لا أدعك وترادّا القول ، فلمّا كثر الكلام بينهما قال الحرّ : إنّى لم أومر بقتالك ، إنّما امرت أن لا افارقك حتّى أقدم بك الكوفة فتياسر هاهنا عن طريق العذيب والقادسيّة حتّى أكتب الى الامير ويكتب إلىّ الامير لعلّ الله أن يأتينى بأمر يرزقنى فيه العافية من أن ابتلى بشيء من أمرك.
فسار الحسين عليهالسلام وسار الحرّ فى أصحابه يسايره ، وهو يقول له : إنّى اذكرك فى نفسك فانّى أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ فقال الحسين عليهالسلام : أفبالموت تخوّفنى؟ وسأقول ما قال أخو الاوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فخوّفه ابن عمّه فقال : إنّك مقتول فقال :
سأمضى وما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما |
وآسى الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبورا وودّع مجرما |
فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه ، قال عقبة بن سمعان ، فسرنا معه ساعة فخفق عليهالسلام هو على ظهر فرسه خفقة ، ثمّ انتبه وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا فأقبل إليه علىّ بن الحسين عليهماالسلام