على فرس فقال يا أبه فيم حمدت الله واسترجعت؟ فقال : يا بنىّ انّى خفقت خفقة فعنّ لى فارس على فرس ، وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسرى إليهم ، فعملت أنّها أنفسنا نعيت إلينا.
فقال له : يا أبه لا أراك الله سوءا ألسنا على الحقّ؟ قال : بلى والّذي إليه مرجع العباد ، قال : فانّنا إذن لا نبالى أن نموت محقّين ، فقال له الحسين عليهالسلام : جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده فلمّا أصبح نزل فصلّى الغداة ، ثمّ عجّل الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم ، فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردّه وأصحابه فجعل اذا ردّهم نحو الكوفة امتنعوا عليه فلم يزالوا يسايرون كذلك حتّى انتهوا الى نينوى بالمكان الّذي نزل به الحسين.
فاذا راكب على نجيب له فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ ولم يسلّم على الحسين عليهالسلام وأصحابه ودفع الى الحرّ كتابا من عبيد الله بن زياد ، فاذا فيه : أمّا بعد فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابى ، ولا تنزله الّا بالعراء فى غير خضر ولا ماء وقد أمرت رسولى أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتينى بانفاذك أمرى والسلام فأخذهم الحرّ بالنزول فى ذلك المكان على غير ماء ولا قرية.
فقال له الحسين : دعنا ويحك أنزل فى هذه القرية ، يعنى نينوى ، أو هذه ، يعنى الغاضرية ـ قال : لا والله لا أستطيع ذلك هذا رجل قد بعث عينا علىّ فقال زهير ابن القين : إنّى والله ما أراه يكون بعد هذا الّذي ترون الّا أشدّ ما ترون يا ابن رسول الله انّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، فلعمرى ليأتينا بعدهم من لا قبل لنا به ، فقال الحسين عليهالسلام : ما كنت لابدأهم بالقتال. (١)
٤ ـ قال الفتال : بعث ابن زياد الحرّ بن يزيد فى ألف فارس الى الحسين عليه
__________________
(١) اعلام الورى : ٢٢٩.