أيّام ، فمكث أصحاب الحسين عطاشى.
قالوا فلمّا اشتدّ بالحسين وأصحابه العطش ، أمر أخاه العبّاس بن على ـ وكانت أمه من بنى عامر بن صعصعة ـ أن يمضى فى ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، مع كلّ رجل قربة حتّى يأتوا الماء ، فيحاربوا من حال بينهم وبينه. فمضى العبّاس نحو الماء وأمامهم نافع بن هلال حتّى دنوا من الشريعة.
فمنعهم عمرو بن الحجّاج ، فجالدهما العبّاس على الشريعة بمن معه حتّى أزالوهم عنها ، واقتحم رجّالة الحسين الماء ، فملئوا قربهم ، ووقف العبّاس فى أصحابه يذبّون منهم حتّى أوصلوا الماء إلى عسكر الحسين (١).
٦ ـ قال الطبرى : قال أبو مخنف : حدّثنى سليمان بن أبى راشد ، عن حميد بن مسلم الأزدى ، قال : جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد : أمّا بعد : فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقىّ الزكىّ المظلوم أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، قال : فبعث عمر بن سعد عمرو بن الحجّاج على خمسمائة فارس ، فنزلوا على الشريعة ، وحالوا بين حسين وأصحابه وبين الماء أن يسقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاث.
قال : ونازله عبد الله بن أبى حصين الأزدى وعداده فى بجيلة ، فقال : يا حسين ، ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء! والله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا ، فقال حسين: اللهمّ اقتله عطشا ، ولا تغفر له أبدا ، قال حميد بن مسلم والله : لعدته بعد ذلك فى مرضه ، فو الله الذي لا إله الّا هو لقد رأيته يشرب حتّى يبغر ، ثمّ يقيئ ، ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر ، فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ عصبه. بعنى نفسه.
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٥٥.