قال : ولمّا اشتد على الحسين وأصحابه العطش ، دعا العبّاس بن على بن أبى طالب ، أخاه ، فبعثه فى ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ، وبعث معهم بعشرين قربة ، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلا واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملىّ ، فقال عمرو بن الحجّاج الزبيدى : من الرجل؟ فجىء فقال : ما جاء بك؟ قال جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئا ، قال : لا والله ، لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان ومن ترى من أصحابه.
فطلعوا عليه ، فقال : لا سبيل إلى سقى هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء ، فلمّا دنا منه أصحابه قال لرجاله : املئوا قربكم ، فشدّ الرّجالة فملئوا قربهم ، وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العبّاس بن علىّ ونافع بن هلال ، فكفّوهم ، ثمّ انصرفوا إلى رحالهم ، فقالوا : امضوا ووقفوا دونهم.
فعطف عليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه واطّردوا قليلا ، ثمّ إنّ رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجّاج ، طعنه نافع بن هلال ، فظنّ أنّها ليست بشيء ، ثمّ إنّها انتقضت بعد ذلك فمات منها ، وجاء أصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه (١).
٧ ـ عنه قال أبو مخنف : حدّثنى أبو جناب عن هانئ بن ثبيت الحضرمى وكان قد شهد قتل الحسين ، قال : بعث الحسين عليهالسلام إلى عمر بن سعد ، عمرو بن قرظة ابن كعب الأنصاري ، أن ألقنى اللّيل بين عسكرى وعسكرك ، قال : فخرج عمر بن سعد فى نحو من عشرين فارسا ، وأقبل حسين فى مثل ذلك ، فلمّا التقوا أمر حسين أصحابه أن يتنحّوا عنه ، وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك.
قال : فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما ، ولا كلامهما ، فتكلّما فأطالا
__________________
(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤١٢.