بل فريضة لقوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١).
والقرآن الكريم حافل بالإشارات العلمية الكونية وكل منها يدعو الفطرة الموحدة لمزيد من التوحيد ، والخشوع والخشية والإخبات للحق سبحانه وتعالى ، وأكثر الناس إدراكا لها المتخصصون في الكونيات وعلوم الطبيعة.
ويأتي عظيم مدلول الآيات الكريمة أنها تتناول الجانب العلمي الفيزيائي على لسان نبي أمي لم يكن يقرأ ، أو يكتب ، كما لم يكن يختلف قبلها إلى معلم أو مدرس ... أمر غريب محير حقا أن تأتي هذه الإعجازات العلمية على قلب رجل كان راعيا للغنم في نشأته الأولى ، ثم استغل بالتجارة صبيا ، وأكثر هذه الإعجازات لم يصل العلم إلى بعضها إلا مؤخرا. قال تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢).
وقد تنوعت مذاهب العلماء ومصنفاتهم في التفسير فمنهم من جنح إلى التفسير بالمأثور كما فعل الإمام محمد بن جرير الطبري في «جامع البيان» ، والإمام السيوطي في تفسيره «الدر المنثور في التفسير بالمأثور».
وبعض العلماء جنح إلى التفسير بالرأي مثل الإمام الفخر الرازي في تفسيره
__________________
القائل في الإنسان المؤذي : هذا ليس بإنسان هذا سبع ، ولذلك يقال هذا ليس بقلب هذا حجر ، إذا علم هذا فالتعريف إما بالألف واللام وإما بالإضافة واللام لتعريف الجنس أو المعهد» أه. بتصرف.
(١) آل عمران (٣ / ١٩٠ ، ١٩١). يقول الإمام الزمخشري رحمهالله : «ما خلقت هذا باطلا» على إرادة القول. أي يقولون ذلك وهو في محل الحال بمعنى يتفكرون قائلين ، والمعنى : ما خلقته خلقا باطلا بغير حكمة بل خلقته لداعي حكمة عظيمة ، وهو ان تجعلها مساكن للمكلفين وأدلة لهم على معرفتك ووجوب طاعتك واجتناب معصيتك ولذلك وصل به قوله (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) لأنه جزاء من عصى ولم يطع» الكشاف (١ / ٤٨٨).
(٢) العنكبوت (٢٩ / ٤٨). قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب. انظر تفسير الطبري (٢١ / ٤).