الكبير المسمى «مفاتيح الغيب» والألوسي في كتابه القيم «روح المعاني» والبيضاوي في «أنوار التنزيل» لكن الإمام الزمخشري في «الكشاف» جنح إلى التفسير البلاغي وقد اختار أبو حيان التفسير النحوي «البحر المحيط». بل الإمام القرطبي اختار الجانب الفقهي في تفسيره الشهير «الجامع لأحكام القرآن».
وكان أمرا محتوما أن يظهر أخيرا التفسير العلمي مختارا لأنواع شتى من الاشارات العلمية للحقائق الكونية. ومحاولة التوفيق بين الإشارات القرآنية والحقائق العلمية فتحت بابا للاجتهاد والبحث لم يكن مطروقا من قبل. وقد لاقى التفسير العلمي قبولا من بعض العلماء الذين أرادوا أن يتسع رصيدا للأدلة التي تيسر ولوج الإيمان إلى قلوب الناس ، وأيدوا ذلك بقوة ليتسنى للإسلام التمشي مع التطور العلمي المعاصر الذي بلغ شأوا بعيدا في هذا العصر الذي أصبح الناس فيه مضمونين في الأسباب. لكن تيارا آخر ظهر معارضا للتفسير العلمي ، وهذا التيار معذور لإشفاقه وحيطته وحذره أن يختلط الفهم أو يكون ذلك داعيا لفتح باب شديد الخطورة غير مأمون المغبة والعاقبة ، فإن ربط التفسير القرآني بتلك النظريات أو الحقائق المتغيرة غير الثابتة يضر إضرارا بليغا ويسبب فتنة شرسة لا مزيد عليها.
وقد قدم الشيخ طنطاوي جوهري تفسير «الجواهر الحسان» في التفسير العلمي (١) ، كذلك الأستاذ حنفي أحمد في كتاب «التفسير العلمي للآيات الكونية» والدكتور عبد الله شحاتة في كتابه «تفسير الآيات الكونية» والدكتور محمد أحمد الضمراوي في كتابه «الإسلام في عصر العلم» والذي قدم له الأستاذ الدكتور أحمد عبد السلام الكرداني.
وقد ثبت أن الفريقين ـ المؤيد والمعارض للتفسير العلمي ـ كلا منهما قد أغرق (٢) في مذهب وبالغ في رأيه.
__________________
(١) راجع كتاب (في ملكوت السموات والأرض) للأستاذ علي عبد العظيم ـ الكتاب السابع من سلسلة البحوث الاسلامية ص ١٠ وما بعدها بتصرف.
(٢) أغرق إغراقا : اشتط وبالغ مبالغة.