(كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (١٩)
____________________________________
على ما أوتى سعة وكثرة أو لأنه مناف لما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم وقيل إنه كان يقول إن كان محمد صادقا فما خلقت الجنة إلالى (كَلَّا) ردع وزجر له عن طمعه الفارغ وقطع لرجائه الخائب وقوله تعالى (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) تعليل لذلك على وجه الاستئناف التحقيقى فإن معاندة آيات المنعم* مع وضوحها وكفران نعمته مع سبوغها مما يوجب حرمانه بالكلية وإنما أوتى ما أوتى استدراجا قيل ما زال بعد نزول هذه الآية فى نقصان من ماله حتى هلك (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) سأغشيه بدل ما يطمعه من الزيادة أو الجنة عقبة شاقة المصعد وهو مثل لما يلقى من العذاب الصعب الذى لا يطاق وعن النبى صلىاللهعليهوسلم يكلف أن يصعد عقبة فى النار كلما وضع يده عليها ذابت فإذا رفعها عادت وإذا وضع رجله ذابت فإذا رفعها عادت وعنه عليه الصلاة والسلام الصعود جبل من نار يصعد فيها سبعين خريفا ثم يهوى فيه كذلك أبدا (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) تعليل للوعيد واستحقاقه له أو بيان لعناده لآياته تعالى أى فكر ماذا يقول فى شأن القرآن وقدر فى نفسه ما يقوله (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تعجيب من تقديره وإصابته فيه الغرض الذى كان ينتحيه قريش قاتلهم الله أو ثناء عليه بطريق الاستهزاء به أو حكاية لما كرروه من قولهم قتل كيف قدر تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله ومعنى قولهم قتله الله ما أشجعه أو أخزاه الله ما أشعره الإشعار بأنه قد بلغ من الشجاعة والشعر مبلغا حقيقيا بأن يدعو عليه حاسده بذلك. روى أن الوليد قال لنبى مخزوم والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى فقالت قريش صبأ والله الوليد والله لتصبأن قريش كلهم فقال ابن أخيه أبو جهل أنا أكفيكموه فقعد عنده حزنيا وكلمه بما أحماه فقام فأتاهم فقال تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط وتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب فقالوا فى كل ذلك اللهم لا ثم قالوا فما هو ففكر فقال ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه وما الذى يقوله إلا سحر يأثره عن أهل بابل فارتج النادى فرحا وتفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه.