٧٨ ـ سورة النبأ
(مكية وهى أربعون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) (٢)
____________________________________
(سورة النبأ مكية وآياتها أربعون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (عَمَّ) أصله عما فحذف منه الألف إما فرقا بين ما الاستفهامية وغيرها أو قصدا للخفة لكثرة استعمالها وقد قرىء على الأصل وما فيها من الإبهام للإيذان بفخامة شأن المسؤل* عنه وهوله وخروجه عن حدود الأجناس المعهودة أى عن أى شىء عظيم الشأن (يَتَساءَلُونَ) أى أهل مكة وكانوا يتساءلون عن البعث فيما بينهم ويخوضون فيه إنكارا واستهزاء لكن لا على طريقة التساؤل عن حقيقته ومسماه بل عن وقوعه الذى هو حال من أحواله ووصف من أوصافه فإن ما وإن وضعت لطلب حقائق الأشياء ومسميات أسمائها كما فى قولك ما الملك وما الروح لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال عالم أو طبيب وقيل كانوا يسألون عنه الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين استهزاء كقولهم يتداعونهم أى يدعونهم وتحقيقه أن صيغة التفاعل فى الأفعال المتعدية موضوعة لإفادة صدور الفعل عن المتعدد ووقوعه عليه بحيث يصير كل واحد من ذلك فاعلا ومفعولا معا لكنه يرفع بإسناد الفعل إليه ترجيحا لجانب فاعليته ويحال بمفعوليته على دلالة العقل كما فى قولك تراءى القوم أى رأى كل واحد منهم الآخر وقد تجرد عن المعنى الثانى فيراد بها مجرد صدور الفعل عن المتعدد عاريا عن اعتبار وقوعه عليه فيذكر للفعل حينئذ مفعول متعدد كما فى المثال المذكور أو واحد كما فى قولك تراءوا الهلال وقد يحذف لظهوره كما فيما نحن فيه فالمعنى عن أى شىء يسأل هؤلاء القوم الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين وربما تجرد عن صدور الفعل عن المتعدد أيضا فيراد بها تعدده باعتبار تعدد متعلقه مع وحدة الفاعل كما فى قوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) وقوله تعالى (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) بيان لشأن المسؤل عنه إثر تفخيمه بإبهام أمره وتوجيه أذهان السامعين نحوه وتنزيلهم منزلة المستفهمين فإن إيراده على طريقة الاستفهام من علام الغيوب للتنبيه على أنه لانقطاع قرينه وانعدام نظيره خارج عن دائرة علوم الخلق خليق بأن يعتنى بمعرفته ويسأل عنه كأنه قيل عن أى شىء يتساءلون هل أخبركم به ثم قيل بطريق الجواب عن النبأ العظيم على منهاج قوله تعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ