٦٧ ـ سورة الملك
(مكية وهى ثلاثون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (٢)
____________________________________
(سورة الملك مكية وتسمى الواقية والمنجية لأنها تقى وتنجى قارئها من عذاب القبر وآياتها ثلاثون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) البركة والنماء والزيادة حسية كانت أو عقلية وكثرة الخير ودوامه أيضا ونسبتها إلى الله عزوجل على المعنى الأول وهو الأليق بالمقام باعتبار تعاليه عما سواه فى ذاته وصفاته وأفعاله وصيغة التفاعل للمبالغة فى ذلك فإن ما لا يتصور نسبته إليه تعالى من الصيغ كالتكبر ونحوه إنما تنسب إليه سبحانه باعتبار غاياتها وعلى الثانى باعتبار كثرة ما يفيض منه على مخلوقاته من فنون الخيرات والصيغة حينئذ يجوز أن تكون لإفادة نماء تلك الخيرات وازديادها شيئا فشيئا وآنافآنا بحسب حدوثها أو حدوث متعلقاتها ولاستقلالها بالدلالة على غاية الكمال وإنبائها عن نهاية التعظيم لم يجز استعمالها فى حق غيره سبحانه ولا استعمال غيرها من الصيغ فى حقه تبارك وتعالى وإسنادها إلى الموصول للاستشهاد بما فى حيز الصلة على تحقق مضمونها واليد مجاز عن القدرة التامة والاستيلاء الكامل أى تعالى وتعاظم بالذات عن كل ما سواه ذاتا وصفة وفعلا الذى بقبضة قدرته التصرف الكلى فى كل الأمور (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الأشياء (قَدِيرٌ) مبالغ فى القدرة عليه يتصرف فيه حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة والجملة معطوفة على الصلة مقررة لمضمونها مفيدة لجريان أحكام ملكه تعالى فى جلائل الأمور ودقائقها وقوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) شروع فى تفصيل بعض أحكام الملك وآثار القدرة وبيان ابتنائهما على قوانين الحكم والمصالح واستتباعهما لغايات جليلة والموصول بدل من الموصول الأول داخل معه فى حكم الشهادة بتعاليه تعالى والموت عند أصحابنا صفة وجودية مضادة للحياة وأما ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما من أنه تعالى خلق الموت فى صورة كبش أملح لا يمر بشىء ولا يجد رائحته شىء إلا مات وخلق الحياة فى صورة فرس بلقاء لا تمر بشىء ولا يجد رائحتها شىء إلا حيى فكلام وارد على منهاج التمثيل والتصوير وقيل هو عدم الحياة فمعنى خلقه حينئذ تقديره أو إزالة الحياة وأيا ما كان فالأقرب أن المراد به الموت الطارىء وبالحياة* ما قبله وما بعده لظهور مداريتهما لما ينطق به قوله تعالى (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فإن استدعاء ملاحظتهما لإحسان العمل مما لا ريب فيه مع أن نفس العمل لا يتحقق بدون الحياة الدنيوية وتقديم الموت لكونه