٨٣ ـ سورة المطففين
(مكية وهى ست وثلاثون آية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) (٢)
____________________________________
(سورة المطففين مكية مختلف فيها وآيها ست وثلاثون)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) قيل الويل شدة الشر وقيل العذاب الأليم وقيل هو واد فى جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره وقيل وقيل وأيا ما كان فهو مبتدأ وإن كان نكرة لوقوعه فى موقع الدعاء والتطفيف البخس فى الكيل والوزن لأن ما يبخس شىء طفيف حقير وروى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة وكان أهلها من أخبث الناس كيلا فنزلت فأحسنوا الكيل وقيل قدمها عليه الصلاة والسلام وبها رجل يعرف بأبى جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر وقيل كان أهل المدينة تجارا يطففون وكانت بياعاتهم المنابذة والملامسة والمخاطرة فنزلت فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأها عليهم وقال خمس بخمس ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الموت ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر وقوله تعالى (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) الخ صفة كاشفة للمطففين شارحة لكيفية تطفيفهم الذى استحقوا به الذم والدعاء بالويل أى إذا اكتالوا من الناس مكيلهم بحكم الشراء ونحوه يأخذونه وافيا وافرا وتبديل كلمة على بمن لتضمين الاكتيال معنى الاستيلاء أو للإشارة إلى أنه اكتيال مضربهم لكن لا على اعتبار الضرر فى حيز الشرط الذى يتضمنه كلمة إذا لإخلاله بالمعنى بل فى نفس الأمر بموجب الجواب فإن المراد بالاستيفاء ليس أخذ الحق وافيا من غير نقص بل مجرد الأخذ الوافى الوافر حسبما أرادوا بأى وجه تيسر من وجوه الحيل وكانوا يفعلونه بكبس المكيل وتحريك المكيال والاحتيال فى ملئه وأما ما قيل من أن ذلك للدلالة على أن اكتيالهم لما لهم على الناس فمع اقتضائه لعدم شمول الحكم لاكتيالهم قبل أن يكون لهم على الناس شىء بطريق الشراء ونحوه مع أنه الشائع فيما بينهم يقتضى أن يكون معنى الاستيفاء أخذ ما لهم عليهم وافيا من غير نقص إذ هو المتبادر منه عند الإطلاق فى معرض الحق فلا يكون مدارا لذمهم والدعاء عليهم وحمل مالهم عليهم على معنى ما سيكون