(إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٢٥)
____________________________________
سُندُسٍ خُضْرٌ) قيل عاليهم ظرف على أنه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر والجملة صفة أخرى لولدان كأنه قيل يطوف عليهم ولدان فوقهم ثياب الخ وقيل حال من ضمير عليهم أو حسبتهم أى يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب الخ أو حسبتهم لؤلؤا منثورا عاليا لهم ثياب الخ وقرىء عاليهم بالرفع على أنه مبتدأ خبره ثياب أى ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس وقرىء خضر بالجر حملا على سندس بالمعنى لكونه اسم جنس (وَإِسْتَبْرَقٌ) بالرفع عطفا على ثياب وقرىء برفع الأول وجر الثانى وقرىء* بالعكس وقرىء بجرهما وقرىء واستبرق بوصل الهمزة والفتح على أنه استفعل من البريق جعل علما لهذا النوع من الثياب (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) عطف على يطوف عليهم ولا ينافيه قوله تعالى* (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض فإن حلى أهل الجنة يختلف حسب اختلاف أعمالهم فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حليا وأنوارا تتفاوت تفاوت الذهب والفضة أو حال من ضمير عاليهم بإضمار قد وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذاك للمخدومين (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) هو نوع آخر يفوق النوعين السالفين كما يرشد إليه إسناد سقيه إلى رب العالمين ووصفه بالطهورية فإنه يطهر شاربه عن دنس الميل إلى الملاذ الحسية والركون إلى ما سوى الحق فيتجرد لمطالعة جماله ملتذا بلقائه باقيا ببقائه وهى الغاية القاصية من منازل الصديقين ولذلك ختم بها مقالة ثواب الأبرار (إِنَّ هذا) على إضمار القول أى يقال لهم إن هذا الذى ذكر من فنون الكرامات (كانَ لَكُمْ جَزاءً) بمقابلة أعمالكم الحسنة (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) مرضيا مقبولا مقابلا بالثواب (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) أى مفرقا منجما لحكم بالغة مقتضية له لا غيرنا كما يعرب عنه تكرير الضمير مع أن (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) بتأخير نصرك على الكفار فإن له عاقبة حميدة (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) أى كل واحد من مرتكب الإثم الداعى لك إليه ومن الغالى فى الكفر الداعى إليه وأو للدلالة على أنهما سيان فى استحقاق العصيان والاستقلال به والتقسيم باعتبار ما يدعونه إليه فإن ترتب النهى على الوصفين مشعر بعليتهما له فلا بد أن يكون النهى عن الإطاعة فى الإثم والكفر فيما ليس بإثم ولا كفر وقيل الآثم عتبة فإنه كان ركابا للمآثم متعاطيا لأنواع الفسوق والكفور الوليد فإنه كان غاليا فى الكفر شديد الشكيمة فى العتو (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) ودوام على ذكره فى جميع الأوقات أو دم على صلاة الفجر والظهر والعصر فإن الأصيل ينتظمهما.